رغم كل الجهود المبذولة والإمكانات المادية المرصودة للمخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم في المغرب، يلاحظ المتتبع للشأن التعليمي فتورا مقلقا لدى المدرس. و لا شك أن القائمين على القطاع على وعي تام بمكمن الخلل في هذا الفتور ألا وهو ضعف انخراط المدرسين في عملية الإصلاح. وفي هذا الإطار صرح مدير الأكاديمية بالجهة الشرقية لجريدة المساء مباشرة بعد تعيينه : "إن نجاح المنظومة التربوية في تأدية رسالتها رهين بانخراط كل رجال ونساء التعليم في هذا الورش الكبير، وهو الانخراط الذي أكده هؤلاء «الرسل» عبر مختلف المحطات التاريخية. و اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يشكل ذلك الالتزام والانخراط موعدا مع التاريخ لن يخلفه رجال ونساء التعليم، لوعي الجميع بأهمية ودور هذا القطاع في تنمية المجتمع وتطويره مما هو عليه إلى ما هو أحسن..."
ولقد استوقفتني مفردات "رسالة" و"رسل" في كلام السيد المدير وهي مفردات تظل دمى هامدة ما لم تسري فيها روح المسؤولية لدى الفاعلين التربويين المباشرين. ومهما حاول المسؤولون حفز نساء ورجال التعليم للانخراط القوي في هذا الإصلاح وتحقيق مدرسة النجاح والارتقاء بجودة التعليم، فإن مستوى التجاوب لدى المدرس يظل ضعيفا لعدة أسباب وعلى رأسها تبادل التهم بينه وبين المسؤولين على المستوى الجهوي أو المركزي وشعور المدرس بالحيف والتجاهل وطغيان لغة الخشب. فكل طرف يحاول التنصل من المسؤولية وإلصاق الفشل بتقصير الطرف الآخر. و ينبغي في البداية أن نعترف أن ركيزة أي إصلاح هو المدرس، فإذا آمن بالإصلاح واقتنع قلبه وعقله بصدق الشعارات ونزاهة الإدارة الوصية، فإن انخراطه سيكون تلقائيا ولن يحتاج إلى مراقب يرصد حركاته أو مفتش يباغته بزياراته. والدليل على ما نقول أن أقساما في بعض الفرعيات لا يصلها مفتش و لا مدير ولا نائب، ورغم ذلك تشتغل في انضباط مثل عقارب الساعة. والدليل الآخر أن بعض الزملاء يتطوعون تلقائيا لإعطاء دروس الدعم والتقوية لتحضير امتحانات الباكلوريا إلى نهاية ماي وبداية يونيو رغم أنهم يشتغلون في مدن بعيدة عن مقر سكناهم. حافزهم الوحيد هو تحقيق أعلى نسب النجاح والشعور بالسعادة في إتقان العمل والإخلاص فيه، وهو حافز داخلي نابع من الوعي بنبل رسالة التعليم، وبذلك يحظون بتقدير الجميع من زملاء و إدارة وأوياء.
نعم، إن التعليم ليس وظيفة كباقي الوظائف، إنه رسالة نبيلة وعظيمة، و لا بد للمدرس أن يدرك أهمية المهمة الملقاة على عاتقه. فإذا أتقن عمله وأخلص فيه، ساهم في حصانة النشء من الانحراف والضياع ووضع لبنة في بناء جيل النهضة المنشود. ولنا في اليابان أكبر دليل على ما نقول. فقد شاهدنا حلقات برنامج "خواطر"، ولاحظنا كيف يستقبل المدرس تلاميذه بالتحية والابتسامة في الصباح الباكر، بل ويسهر على سلامتهم من آفات الشارع قبل أن يلجوا باب المؤسسة. إن المدرس الرسالي يضطلع بأدوار مختلفة، فهو المربي و المعلم والموجه والمخطط والفنان و المبدع... لا يرتاح له بال حتى يرى الابتسامة و الرضا تعلو محيا تلاميذه بفضل أدائه المتميز داخل القسم. نجاح التلاميذ نجاح له وفشلهم فشل له. فكيف نجعل من ساعات الدرس أوقاتا ممتعة ومفيدة وشيقة بالنسبة للتلميذ ؟ ذلك هو السؤال المؤرق الذي ينبغي أن يلازم كل من أكرمه الله وشرفه بمهنة التعليم التي هي رسالة الأنبياء والرسل. إن المطالبة بالحقوق والتذمر من الوضع لا ينبغي أن تنسينا القيام بالواجبات. التلميذ لا دخل له في الترقية والمشاكل الإدارية أو النقابية. التلميذ من حقه أن يستفيد من الدرس و يستمتع بأجواء تربوية داخل الفصل، مفعمة بالاحترام المتبادل والتنافس الشريف في التحصيل العلمي والارتقاء في مدارج الصلاح والتفوق. الكرة إذن في ملعب المدرس، وعليه أن يبرهن أنه أهل للثقة و الاحترام وليس مادة للتندر والسخرية، حينها سيتمكن من تحسين صورته في المجتمع ويفرض احترامه على كل مسؤول مهما علا منصبه.
محمد السباعي
ولقد استوقفتني مفردات "رسالة" و"رسل" في كلام السيد المدير وهي مفردات تظل دمى هامدة ما لم تسري فيها روح المسؤولية لدى الفاعلين التربويين المباشرين. ومهما حاول المسؤولون حفز نساء ورجال التعليم للانخراط القوي في هذا الإصلاح وتحقيق مدرسة النجاح والارتقاء بجودة التعليم، فإن مستوى التجاوب لدى المدرس يظل ضعيفا لعدة أسباب وعلى رأسها تبادل التهم بينه وبين المسؤولين على المستوى الجهوي أو المركزي وشعور المدرس بالحيف والتجاهل وطغيان لغة الخشب. فكل طرف يحاول التنصل من المسؤولية وإلصاق الفشل بتقصير الطرف الآخر. و ينبغي في البداية أن نعترف أن ركيزة أي إصلاح هو المدرس، فإذا آمن بالإصلاح واقتنع قلبه وعقله بصدق الشعارات ونزاهة الإدارة الوصية، فإن انخراطه سيكون تلقائيا ولن يحتاج إلى مراقب يرصد حركاته أو مفتش يباغته بزياراته. والدليل على ما نقول أن أقساما في بعض الفرعيات لا يصلها مفتش و لا مدير ولا نائب، ورغم ذلك تشتغل في انضباط مثل عقارب الساعة. والدليل الآخر أن بعض الزملاء يتطوعون تلقائيا لإعطاء دروس الدعم والتقوية لتحضير امتحانات الباكلوريا إلى نهاية ماي وبداية يونيو رغم أنهم يشتغلون في مدن بعيدة عن مقر سكناهم. حافزهم الوحيد هو تحقيق أعلى نسب النجاح والشعور بالسعادة في إتقان العمل والإخلاص فيه، وهو حافز داخلي نابع من الوعي بنبل رسالة التعليم، وبذلك يحظون بتقدير الجميع من زملاء و إدارة وأوياء.
نعم، إن التعليم ليس وظيفة كباقي الوظائف، إنه رسالة نبيلة وعظيمة، و لا بد للمدرس أن يدرك أهمية المهمة الملقاة على عاتقه. فإذا أتقن عمله وأخلص فيه، ساهم في حصانة النشء من الانحراف والضياع ووضع لبنة في بناء جيل النهضة المنشود. ولنا في اليابان أكبر دليل على ما نقول. فقد شاهدنا حلقات برنامج "خواطر"، ولاحظنا كيف يستقبل المدرس تلاميذه بالتحية والابتسامة في الصباح الباكر، بل ويسهر على سلامتهم من آفات الشارع قبل أن يلجوا باب المؤسسة. إن المدرس الرسالي يضطلع بأدوار مختلفة، فهو المربي و المعلم والموجه والمخطط والفنان و المبدع... لا يرتاح له بال حتى يرى الابتسامة و الرضا تعلو محيا تلاميذه بفضل أدائه المتميز داخل القسم. نجاح التلاميذ نجاح له وفشلهم فشل له. فكيف نجعل من ساعات الدرس أوقاتا ممتعة ومفيدة وشيقة بالنسبة للتلميذ ؟ ذلك هو السؤال المؤرق الذي ينبغي أن يلازم كل من أكرمه الله وشرفه بمهنة التعليم التي هي رسالة الأنبياء والرسل. إن المطالبة بالحقوق والتذمر من الوضع لا ينبغي أن تنسينا القيام بالواجبات. التلميذ لا دخل له في الترقية والمشاكل الإدارية أو النقابية. التلميذ من حقه أن يستفيد من الدرس و يستمتع بأجواء تربوية داخل الفصل، مفعمة بالاحترام المتبادل والتنافس الشريف في التحصيل العلمي والارتقاء في مدارج الصلاح والتفوق. الكرة إذن في ملعب المدرس، وعليه أن يبرهن أنه أهل للثقة و الاحترام وليس مادة للتندر والسخرية، حينها سيتمكن من تحسين صورته في المجتمع ويفرض احترامه على كل مسؤول مهما علا منصبه.
محمد السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق