24 أكتوبر 2012

دعوة إلى جميع الإخوة والأحبة



خلال حفل التوقيع بثانوية المغرب العربي التقأهيلية التقنية بوجدة


خلال حفل التوقيع بثانوية المغرب العربي التقأهيلية التقنية بوجدة-الجمعة 12 أكتوبر 2012

11 أكتوبر 2012


ثانوية المغرب العربي التقنية التأهيلية بوجدة
حفل توقيع كتاب "هواء مدينتي" للأستاذ محمد السباعي 
بمناسبة اليوم العالمي للمدرس ، تنظم ثانوية المغرب العربي التقنية حفل توقيع كتاب "هواء مدينتي"
L’air de ma ville
للأستاذ محمد السباعي
يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012 على الساعة الرابعة زوالا


10 أكتوبر 2012

ما أشبه شريط أسامة بشريط فدوى !


اشتد القصف الإعلامي وحمي الوطيس، وانطلقت حملات التشويش و التبخيس. وجاءت لحظة الحسم لاختبار مصداقية العدالة والتنمية. وأكدت النتائج أن شعبية بنكيران لم تتراجع كما توقع خصومه، بل هي في تزايد مطرد . و هي أكبر رسالة استخلصها المتتبعون من تضاعف أصوات المصباح في كل طنجة ومراكش خلال الانتخابات الجزئية ل4 أكتوبر والتي أعيدت لأسباب واهية (استغلال الدين من خلال صومعة المسجد في خلفية صورة المرشحين).
فقد تجند أنصار بنشماس والعماري لتأطير المهرجانات الخطابية في عاصمة البوغاز ، وشحذت الأقلام لنهش الأعراض والتشكيك في النوايا والنزول إلى الإسفاف والابتذال في مواجهتها لرفاق بنكيران. فعند الامتحان، تعز الأقلام أو تهان. و ما أكثر الأقلام التي زلت و ما أكثر النفوس التي ضعفت عند امتحان الانتخابات !! و راح محللو عشية وضحاها يتنبؤون بانفجار وشيك من داخل الإخوان ويهللون بقرب الإطاحة ب"الحكومة الإسلامية" وفرحت جيوب مقاومة التغيير وبشرتنا بالعودة الوشيكة إلى خريف ما قبل الربيع، ونسيت أنه من الخرف انتظار عودة التاريخ إلى الوراء !
وبلغ الأمر بالمعارضة المثيرة للشفقة أن تجرب سفسطة اليونان و تثبت الأمر ونقيضه في شخص الأستاذ عبد الإله بنكيران. فهو تارة يريد الانقلاب على الملكية ويرفض البيعة، و هو تارة موغل في الانبطاح للقصر والتملق للملك. والحقيقة التي اعترف بها كبار القوم والمنصفون من الخصوم هي أن حزب المصباح أكثر الأحزاب تنظيما و أرفعها جاهزية وأكثرها وضوحا وشفافية مع الشعب. و لا سبيل للإطاحة به إلا منافسته في نفس الطريق والبدء باحترام الديمقراطية الداخلية والتخلص من العناصر الانتهازية الفاسدة.
فإذا كان حزب المصباح قد فاز ب 45% من عدد الأصوات بطنحة في انتخابات 25 نوفمبر 2011 أي أيام الربيع العربي والظروف المواتية، والحزب لا زال آنذاك في المعارضة "المريحة"، فقد فاز يوم 4 أكتوبر 2012 في إعادة الانتخابات وفي نفس المدينة ب 55% من الأصوات، و هو في يقود الحكومة ويدبر الشأن العام، و كان من المفروض أن تتراجع شعبيته ويتلقى صفعة من الشعب لو كانت الحكومة فعلا بذلك السوء وبتلك الرداءة التي تتحدث عنها أقلام المعارضة.
و ها هي كل المحاولات الدونكشوتية للإطاحة بالحكومة الحالية تبوء بالفشل. وكلما افتعل خصوم البنكيرانية ضجة إلا وفندها الواقع وأثبتت الأيام زيفها وتهافتها. مما أفقدهم صوابهم وجعلهم يجربون أساليب ما  قبل الربيع، من قبيل الفيديوهات المفبركة في الدهاليز المعلومة، كالتي سجلها الشاب أسامة الخليفي واتهم فيها أفتاتي الملقب بصقر الشرق بمحاولة استقطابه و إرشائه !! و كأن أبواب العدالة والتنمية مشرَعة و أن العضوية فيه بلا شروط ولا قيود أو كما يقول المثل الدارج "اخل آ مبارك بحمارك". وهو يقرأ بصعوبة ما هو مكتوب أمامه ، ذكَرني المسكين بشريط للشابة المستشارة البطلة فدوى المنوني بلباسها الأسود و هي تتبرأ من العدالة والتنمية و تتهم أفتاتي وصحبه بمحاولة إرشائها ببطاقة حج لوالدتها، والكلمات تخرج بمشقة من فمها  !! ولا شك أن هذه الأساليب تسيء إلى أصحابها ولا تزيد العدالة والتنمية إلا شعبية على شعبيته.
محمد السباعي

معركة نهاري مع دوزيم وليس مع الغزيوي


تناولنا في مقال سابق خطأ مهنيا لا تربويا وقعت فيه القناة الوطنية الثانية حين أظهرت صورا لتلاميذ يستعدون لامتحان الباكلوريا بوسائل الغش الحديثة وكأنها تقرهم على ذلك، متناسية الإجراءات الصارمة التي اتخذتها وزار ة التربية الوطنية لتطويق الظاهرة. و بالتالي فهي تتحمل المسؤولية المعنوية فيما وقع من بعض التلاميذ الذين اعتبروا النقل "ضروري" كما قيل لهم في دوزيم وتمردوا على الحراس واعتدوا عليهم في بعض الأحيان. وها هي ذات القناة ترتكب خطآ قاتلا في تعاطيها مع موضوع آخر شديد الحساسية عند المغاربة وهو المرجعية العليا للبلاد و التقاطب الحاصل بين دعاة سمو الشريعة الإسلامية و أنصار سمو المواثيق الدولية، وهو نفس الموضوع الذي احدث فتنة كبرى في موضوع الأسرة أدى إلى انقسام المغاربة بين مسيرة البيضاء ومسيرة الرباط، و لم يقف النقاش إلا بعد تدخل الملك وتأسيس لجنة لصياغة مدونة الأسرة. المشكل في قضية نهاري/غزيوي هو أن القناة الثانية كانت جد متحيزة للطرف العلماني وللجمعيات الحقوقية الممولة من الخارج، إذ أعطتهم الكلمة ليدينوا ويتهموا الطرف الآخر بالتطرف والظلامية، واكتفت بنقل شريط مبتور للداعية عبد الله نهاري دون أن تكلف نفسها عناء استجوابه مباشرة وإعطائه الفرصة ليعبر عن قصده من كلامه ويزيل اللبس وربما يعتذر كما اعتذر دائما ويشعر بانتمائه لهذا الوطن الذي خدمه منذ أن عرفناه مربيا ومرشدا ومصلحا بين الناي وداعيا إلى الخير. لكن مديرة القناة الثانية تعمدت تسييس القضية و أدلجتها والتشهير برمز تعتقد أنه مقرب من العدالة والتنمية الذي أكدت في حوار سابق مع قناة فرنسية أنها ستحاربه بكل الوسائل ! لكن ما النتيجة الآن : نقاش ساخن بين الشباب في وسائل الإعلام يصل إلى تبادل السب والشتم ، بل تجاوز حدود المغرب ليصل إلى صفحات الفايسبوك المصرية التي تصب جام غضبها على "الصحفي الديوث" الذي يقر الخبث في أهله على الهواء مباشرة ويستحل الزنا وكأنه سلمان رشدي أو تسليمة نسرين، وهذا غير صحيح أو على الأقل ليس بهذا الشكل... وبذلك ساهمت دوزيم في الإساءة إلى بلدنا وإصرار القناة على وجود تطرف إسلامي في شخص الداعية المعروف بمنهجه الوسطي القائم على احترام ثوابت الدولة المغربية والمتشبع بروح الدعابة والمرح وتأليف القلوب والدعوة بالتي هي أحسن. والدليل أنه أنكر في التحقيق أنه أفتى بقتل المسمى الغزيوي وأنا على يقين أنه لو التقى هذا الشاب لعانقه وقبل رأسه لأنه لا يعرف الحقد ولا الكره وأبغض شيء عنده هو التطرف والتكفير، و مواقفه واضحة من تيارات "السلفية الجهادية" و"الشيعة" و"العدل والإحسان"... لكن دوزيم ليس من مصلحتها أن يعرف الشعب المغربي عبد الله نهاري الحقيقي الذي كان له الفضل بعد الله تعالى في محاربة الجريمة والانحراف وترسيخ منهج التدرج في الإصلاح في إطار استقرار البلاد، شخص وديع، كله لين وحب ورحمة وخاصة بالشباب، دوزيم تريد أن يعرف الشعب عبد الله المتطرف المحرض على قتل العلمانيين وإعلان الحرب عليهم، وهو شخص لا وجود له إلا في خيال السيدة سيتايل ومن يحركها من المهووسين بالإسلاموفوبيا أو نهاريفوبيا. إدارة هذه القناة تريد إذن تصفية حسابات سياسية مع وزير الاتصال الذي أراد إلزامها بدفتر تحملات شفاف ويخدم المصلحة الوطنية قبل كل شيء. القضية إذن كلها مفبركة ومفتعلة وموضوع الحريات الفردية أو المرجعية العليا للبلاد لا يحل بالعواطف والانفعالات والتهييج، بل بتحكيم العقل والالتزام بدستور المملكة وفتح نقاش صحي على الهواء بين صناع الرأي والحكماء، وإن اقتضى الحال نلجأ إلى استفتاء أو إلى تحكيم ملكي وتهدأ النفوس ونعود إلى المعركة الحقيقية معركة المشروع الإصلاحي الذي دشنه المغرب مع الدستور الجديد بقيادة الملك الذي أبان عن حنكة سياسية كبيرة وفوت الفرصة على دعاة الفتنة. نعم لحرية التعبير للصحفي مختار الغزيوي وللأحداث المغربية ولمديرها محمد البريني الذي سبق أن صرح "أفضل أن أكون ماسح أحدية في إسرائيل على أن أكون وزيرا في حكومة يقودها إسلاميون" ! ولكل مغربي ومغربية ، لكن ماذا عن حرية إمام وخطيب جمعة معتدل حُرم من المنبر ويتم إبعاده من كل المساجد رغم أنه مع الثوابت و مع التدرج ولا يريد إلا الإصلاح والخير للمغاربة ولكل المسلمين. يرى أن من يستحل الزنا ويدعو له في وسائل الإعلام يشكل خطرا على الأسرة وعلى المجتمع وهي دعوة إلى قتل النفس التي حرم الله بالإجهاض وأن هذه فتنة كبرى وجرأة على الأسرة  "والفتنة أشد من القتل".
محمد السباعي

وثيقة دوت كوم!


ينهي الأستاذ محمد السباعي، القاطن بحي الأندلس بوجدة والحامل لبطاقة التعريف الوطنية .... والعامل حاليا بثانوية المغرب العربي التقنية بوجدة إلى علم كافة من يهمهم الأمر أن مراسلته الإدارية المتعلقة ب"طلب تسوية الوضعية الإدارية والمالية" قد اختفت منذ 24 نونبر 2011 ولم يظهر لها أثر لحد الآن. وكانت المراسلة يومها رفقة نسخة من محضر الالتحاق و نسخة من التعيين الوزاري الجديد. و بعد البحث والتحري، أكد شهود عيان أن المراسلة الضائعة خرجت فعلا من المؤسسة ومرت بعدة مكاتب داخل النيابة الإقليمية قبل أن تصل إلى إدارة الأكاديمية وتُرسل إلى المصالح المركزية تحت رقم 3448 بتاريخ 16/12/2011 كما هو مسجل في مكتب الضبط ولله الحمد. وفي شهر ماي المنصرم، كلٌف المعني بالأمر مسؤولا نقابيا للاستفسار والتقصي في الموضوع بالوزارة، فلم يجد هذا الأخير أثرا لهذا الطلب وأخبر أن المعني بالأمر لا زال يدرس بثانوية جابر بن حيان بنيابة جرادة، بخلاف حالة مشابهة لزميل مبرز من مدينة الناضور والذي التحق هو كذلك للتدريس بأقسام تحضير شهادة التقني العالي بداية هذه السنة الدراسية وتمت تسوية ملفه وتقاضى تعويضاته. ويضيف المعني بالأمر أن عدة مراسلات سابقة له كانت هي كذلك ضحية للاختفاء القسري في مكاتب الوزارة الوصية حتى بدأ المسكين يتوهم وجود تماسيح و أسود وأشباح تلاحق أوراقه، وقد ذكر بعضا من هذه الطرائف في روايته "هواء مدينتي" الذي يعتقد أن تتحول إلى مسلسل عجائبي قد يعرض في جزيرة الواقواق شهر رمضان المقبل بحول الله. ومن هذه الطرائف، أنه  انتظر أول حوالة له سنة 1988 إلى منتصف شهر يوليوز، فلما ذهب إلى المصالح المركزية اخبروه أنها كانت تُرسل لأستاذ آخر بنفس الاسم بمدينة سيدي قاسم وأن حوالات هذا الأخير كانت ترجع إلى الرباط ولم يفهموا هذا اللغز إلا بعد مجيء محمد السباعي الثاني من عين بني مطهر! ومن هذه الطرائف كذلك أنه لا زال ينتظر رد مدير الأكاديمية السابق بخصوص اختفاء مراسلة إدارية بتاريخ 04/07/2008 داخل نيابة جرادة. وفي انتظار تفعيل برنامج "وثيقة دوت كوم" في وزارة التربية الوطنية، نوصي أخانا المعني بالأمر بمزيد من الصبر وبالإكثار من دعاء:"اللهم رب الضالة، هادي الضالة، تهدي من الضلالة، رُدً علي ضالتي بقدرتك وسلطانك فإنها من عطائك وفضلك"، عسى الله أن يفرج همومنا جميعا.
و به وجب الإعلام والسلام

بعد تنظيف الشوارع والأبواب، وجب تطهير القلوب والألباب


من لم يشكر الناس، لم يشكر الله، ولذلك وجب علينا أن نحيي ولاية الجهة الشرقية وولاية أمن وجدة و الجماعة الحضرية وكل من ساهم في تحرير شوارع وأزقة وساحات مدينتنا وأبوابها العريقة، بعدما كانت محتلة طرف الفراشة والباعة المتجولين. فمنذ الساعات الأولى من صباح ثاني عيد الفطر، نزلت كل المصالح المعنية و طهرت المدينة من الفوضى العارمة و الأزبال المتناثرة والتسيب المشين. ورجع لوجدة بريقها السابق وبهاؤها المتميز. مما خلف ارتياحا لدى الساكنة وخاصة مستعملي الطريق والتجار أصحاب المحلات الذين يؤدون الضرائب للدولة.  ومما يثلج الصدر، أن والي الأمن الجديد السيد الدخيسي قام بحملة كبيرة ضد الجريمة والمخدرات كان لها صدى طيب في نفوس المواطنين، نرجو أن تستمر كل هذه الجهود ولا تكون موسمية.
لكن، هل يكفي تطهير الشوارع والمساحات الخضراء وواجهات المحلات لتسويق مدينة وجدة وتشجيع السياحة والاستثمار؟ طبعا هذا لا يكفي ما دامت عقول البعض يعشش فيها وباء الرشوة والفساد والتملص الضريبي والانحراف الخلقي من خمر ومخدرات وتحايل على القانون وترامي على الملك العمومي.... لقد سمعنا أن الحكومة قررت تطهير محيط المؤسسات التعليمية من المتسكعين وتجار المخدرات و محاربة كل المظاهر المخلة مثل التحرش بالتلميذات، وبنفس العزم ، ينوي وزير التعليم العالي الحد من ظاهرة التسيب وعرقلة الدراسة كما وقع في السنة الماضية بوجدة. و تحلى وزير التربية الوطنية بشجاعة سياسة حين منع هيئة التدريس وهيئة التفتيش من العمل بالمؤسسات الخصوصية (ما يطلق عليه بظاهرة التبزنيس)، مما كان يؤثر على جودة التعليم العمومي، و هذا من شأنه خلق مناصب شغل جديدة لأصحاب الشواهد العاطلين.  
وإذا كانت الحكومة الحالية تعطي إشارات إيجابية في اتجاه الإصلاح العميق، وإذا كانت السلطات المحلية تقوم بمبادرات نوعية على مستوى الواقع، فلا بد لهيئات المجتمع المدني أن تنخرط في مشاريع تنظيف العقول بمحو الأمية والتربية غير النظامية والأنشطة الرياضية والتربوية والفنية الهادفة. فقد حان وقت إعداد المشاريع والبحث عن التمويل ومراسلة وزارة التضامن التي أعطت مهلة كافية للجمعيات ووعدت بالنزاهة في ملف الدعم. حان وقت اقتحام العمل الجمعوي الجاد لقطع الطريق على الجمعيات الأشباح التي كانت تستفيد من الدعم بناء على مشاريع وهمية ولا تقدم شيئا على أرض الواقع، في حين يتم التضييق على الجمعيات الجادة التي تقوم بعمل دءوب لفائدة الأطفال والشباب على مدار السنة. صحيح أن العديد من الجمعيات في وجدة تقدم قفة رمضان ووجبات الإفطار، لكن هذه الأسر تحتاج كذلك إلى من يعتني بتربية أبنائها وحمايتهم من براثن الانحراف واليأس والإحباط. والغريب ان المحسنين عندنا لا يترددون في المساهمة في تمويل قفة رمضان أو بناء مسجد، لكنهم يتحرجون من دعم مخيم تربوي أو رحلة استكشافية أو مشروع كتاب مفيد أو جوائز للمتفوقين. وهذا يحتاج إلى ترشيد في التدين وفقه لمراتب الأعمال كما يقول الفقهاء.
محمد السباعي


في أخلاق النضال ومصداقية الكتابة


إما أن تكون ديمقراطيا أو لا تكون:
دأب الأستاذ رمضان مصباح على كتابة مقالات هجومية بشكل منهجي ضد حزب العدالة والتنمية ووزرائه الذين "يمتطون الإبل" في عصر الطائرات، والتباكي على بطء الإصلاحات العميقة التي ينتظرها الشعب المغربي وخاصة تنزيل بنود الدستور الجديد و إرساء الحكامة والديمقراطية ، في مقابل التنويه بسرعة أداء المؤسسة الملكية التي تقود الإصلاح الفعلي و تباشره على أرض الواقع في نظر الكاتب. وفي مقال أخير، هاجم السيد المفتش المتقاعد البرلماني عبد العزيز أفتاتي لأنه "تجرأ" على مؤسسة الاستشارة ويقصد بذلك السيد فؤاد علي الهمة كاتب الدولة السابق في الداخلية ومؤسس حزب الأصالة والمعاصرة في الظروف التي يعرفها الجميع.
و المفارقة أن الكاتب أنكر على الأستاذ بن كيران في المقال نفسه عدم مواجهة الهمة منذ البداية والقبول بقواعد اللعبة كما فرضت عليه، مذكرا إياه بالموقف الشهير للزعيم الاستقلالي محمد بوستة حين قال: لا توافق مع المؤسسة الملكية بوجود إدريس البصري ! ثم يطلب من البرلماني أفتاتي السكوت وعدم انتقاد الهمة باعتباره مستشارا للملك (وكأنه أصبح من المقدسات)، ويستنتج الكاتب من هذا أن حزب العدالة والتنمية له خطاب مزدوج و يشتغل بحكومتين، حكومة بنكيران وحكومة أفتاتي !!
طيب: جميعنا يتذكر أن بن كيران كان من أشد المعارضين للهمة بعد اعتقال جامع المعتصم وتفكيك تحالف العدالة والتنمية بالقوة في وجدة وطنجة ومدن أخرى في الانتخابات الجماعية ل 2009، حين لم نكن نقرأ للسيد رمضان مصباح حرفا واحدا. وجاء الربيع العربي وجاءت انتفاضة 20 فبراير، و انسحب الهمة من حلبة الصراع السياسي وتم تعيينه مستشارا للملك. ثم كان التوافق وكان تشكيل الحكومة الحالية، وأعلن بن كيران الهدنة مع الهمة اعتبارا لموقعه الجديد.
 لكن أليس حق الحزب الآن بعد منع نشاط عمومي لشبيبته بطنجة وإصدار بلاغ لوزارة الداخلية أن يتساءل ومعه جميع المواطنين : هل السيد الهمة مستشار ملكي فقط أم لا زالت له صلاحيات واسعة ويد طولى في وزارة الداخلية؟ ومن منا يقدر على تصريح من هذا العيار إذا لم تكن له الحصانة البرلمانية ويكون من طينة المناضل الشهم عبد العزيز أفتاتي الذي حوصر في بيته لعدة أيام هو وفريق المستشارين بسبب ضغط حزب الهمة بوجدة، في مجزرة انتخابية غير مسبوقة في تاريخ المغرب، والشهادات الحية لازالت متوفرة لمن كان غائبا عن ساحة النضال وقتها.
المطلوب إذن من الأستاذ رمضان أن يحدد موقفه بصراحة، هل هو مع الإصلاحات ومع محاربة الفساد والريع أم مع الدفاع بشكل آلي عن جيوب مقاومة التغيير، بموازاة مع الهجوم المنهجي على العدالة والتنمية في جميع الحالات؟ ذلك أن الكتابة التزام والسياسة مواقف واضحة ومواقع محددة. فليس من المروءة توجيه الضربات لجهة سياسية معينة دون تقديم بدائل واضحة. و هل هناك ازدواجية أكبر من الجمع بين الدفاع عن الديمقراطية والحرية من جهة والدفاع عن رموز التحكم والاستبداد والمطالبة بمخزنة الشعب من جهة أخرى؟
هكذا تصنعون طواغيتكم:
كلمة خالدة قالها المرحوم علي عزت بيغوفيتش رئيس البوسنة والهرسك لما دخل متأخرا للمسجد، فجلس حيث انتهى به المجلس، فقام المتزلفون يطلبون منه التقدم إلى الصف الأمامي فأجابهم: هكذا تصنعون طواغيتكم. سبحان الله الأمير مولاي هشام تصرف بشكل حضاري واعتبر نفسه مواطنا كباقي المواطنين قبل أن يكون أميرا، والقاضي كان أكثر مواطنة منه لما طلب منه بكل أدب أن يجلس مع العموم وليس مع المحامين. درس في المواطنة في ظل حكومة المعقول ومحاربة الريع والفساد، في عهد وزير العدل والحريات المناضل الحقوقي والسياسي الأستاذ مصطفى الرميد الذي قال له جلالة الملك مباشرة: طبق القانون على الجميع وأنا معك ولو كان الشخص من القصر... ويأتي السيد رمضان مصباح ليحتج على الأمير مولاي هشام كونه مارس مواطنته بالشكل المتعارف عليه في جميع ديمقراطيات العالم، مخاطبا إياه:
"ألا ترون- اعتبارا لهذه الروابط، و للتوقير التام للأسرة الملكية الذي ورثناه عن أسلافنا وسنورثه، أن لنا حقا ما في ألا نراكم تدخلون إلى المحاكم للتقاضي ؟"
 فهو يقول له بطريقة لبقة: أنت شوهت الشرفاء ... ما كان لك أن تدخل المحاكم... المحاكم للرعاع فقط وليس للأمراء و لا للشرفاء ؟؟؟؟ وفي نفس الوقت يسمح لنفسه بتسفيه المناضلين الذين اختارهم الشعب وعلى رأسهم الأستاذ عبد العزيز أفتاتي ويتهمه بالتطاول على مستشار الملك ووزير الداخلية الأسبق فؤاد علي الهمة!!!
إن ممارسة السياسية أخلاق يا سيدي، فإما أن تكون مع الديمقراطية ومع المساواة بين المواطنين أو تكون مع العشائرية والإقطاع والاستبداد، و النضال الديمقراطي أفعال وليس مجرد أقوال. فكما أنه لا يصبح العالم عالما بمجرد تخرجه من جامعة كبيرة، فكذلك لا يصبح المثقف مناضلا لمجرد انتمائه إلى حزب ما أو كتابته لعدد من المقالات في السياسة، دون خيط ناظم ولا أطروحة واضحة.

محمد السباعي

إعلام الدولة يحارب حكومة الشعب !


لا زال الحرس القديم المحسوب على الإعلام الرسمي يحيك المؤامرات تلو المؤامرات بغرض تسميم الأجواء بين الملك و رئيس الحكومة الحالية الأستاذ عبد الإله بنكيران. هذه الأطراف وجدت نفسها في وضع لا تحسد عليه بعدما تعالت أصوات الشعب المغربي ضد الفساد ورموزه. ولعل مجال الإعلام في البلاد من أهم أنواع هذا الفساد. ذلك أن ثقافة الريع سابقا جعلت بعض الأشخاص يستغلون قربهم من محيط القصر ليبسطوا هيمنتهم على هذا المجال الحيوي ويستغلونه أبشع استغلال، تحت ذريعة الدفاع عن رموز الدولة وطقوسها في وجه التيارات الشعبية المنادية بالإصلاح والنابعة من صناديق الاقتراع. رموز الفساد الإعلامي الذين اغتنوا من الإشهار على حساب الإعلام الوطني الجاد، لا زالوا يشتغلون بمنطق "وزير الداخلية والإعلام" في العهد السابق، ولم يستسيغوا ما طرأ من تغيير في العالم العربي من حولنا، وبالتالي لا زالوا يعتبرون القناتين العموميتين ووكالة المغرب العربي مؤسسات تابعة لوزارة الداخلية وناطقة باسم البلاط، وما الحكومة ووزراؤها إلا كراكيز للاستهلاك الخارجي والضحك على الشعب.

استغلال حفل الولاء لتوجيه الطعنة الأولى:
موقف "العدالة والتنمية" من طقوس حفل الولاء الشكلية المبالغ فيها لا يتعارض مع الإيمان بالبيعة الشرعية والتأصيل لها والدليل تكرار الموضوع في كل مناسبة على لسان رئيس الحكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران. فالكل إذن يعلم أن "العدالة والتنمية" مع البيعة ويتحفظ على الركوع. ورغم ذلك تحيَن خليل الإدريسي مدير وكالة الأنباء الرسمية فرصة حفل الولاء لهذه السنة ليقوم بخرجة إعلامية تعتبر الأولى من نوعها، و يصرح لهسبريس أن "الاعتقاد بتعديل البيعة سببه "سوء فهم" للدستور الجديد". وشرح في مقال نشرته وكالة الأنباء الرسمية الثلاثاء 21 غشت بأن "الأمر يتعلق بخطأ في التحليل يمكن أن يخفي وراءه٬ في بعض الأحيان٬ خلفيات أو استراتيجيات سياسوية"، وفق تعبير الإدريسي.
وزاد المدير السابق لصحيفة "أوجوردوي لوماروك" و المسؤول القيادي في نادي الليونز الدولي بالمغرب بأن "آخرين، ظنا منهم أن قدسية السلطة في المغرب قد تأثرت بدستور 2011، اعتقدوا أن حفل الولاء لملك المغرب سيدفع ثمن التجديدات التي جاء بها القانون الأسمى٬ وأنها ستختفي بكل بساطة من التعبيرات العريقة للهوية السياسية المغربية". وطبعا المقصود بالآخرين بنكيران وحكومته الذين قرروا مقاطعة هذه الطقوس التي تسيء إلى سمعة الوطن ولا تنسجم مع رغبة الشعب و ربما حتى مع رغبة الملك نفسه.
تأجيج الصراع وشيطنة الإسلاميين:
لم تكتف وكالة المغرب العربي للأنباء بطعن الحكومة من الظهر، بل نشرت بعد ذلك مقالا بعنوان "خطب السيد بنكيران: تواصل سياسي أم شعبوية" انتقدت فيه أسلوب رئيس الحكومة في التواصل، وأشارت إلى ردود الأفعال الساخرة على الموقع الاجتماعي "فايسبوك"، مما أثار حفيظة بعض القياديين في "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة. وفي هذا الصدد، صرح عبد العزيز أفتاتي منفعلا لجريدة"كود" و بالدارجة المغربية "أتصور شي واحد ضرب شي جوان وطلب من الوكالة تكتب داك الشي اللي فات وقتو والناس ناقشاتو والموضوع ما بقاش آني ولا حديث الساعة". وأكد أفتاتي ل"كود" على أن كل ما ناقشه هذا الموضوع الذي يصعب معرفة جنسه الصحافي، هي "مواضيع متقادمة ومتهالكة" ، واعتبر أفتاتي هذا الموضوع مشابها لما كانت تقوم به وزارة الداخلية التي كانت تكتب مواضيع وتبعثها إلى بعض الصحف وتنشر على اعتبار أنها تحاليل. 

وبخصوص إساءة هذا الموضوع لرئيس الحكومة، قال أفتاتي "هذا عمل مسيء للوكالة لا لرئيس الحكومة، لأنه ينزل أسهمها إلى الحضيض، ويظهر أن المخزن الإعلامي مازال نشيطا وأنه يخدم أجندته وأنه يكرس أن الوكالة "مخزنية" ولم يتغير شيء" . وتساءل عبر "كود"، لماذا لم تنشر خبر استدعاء العنيكري وبنسليمان للقضاء في قضية اعبابو ولماذا لم تنشر أخبارا ذات أهمية قصوى تهم شخصيات أخرى ولماذا لم تتابع النقاش الدائر والصحي حول الركوع في حفل الولاء؟"
و هكذا وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في خط المواجهة مع عفاريت الإعلام التي لا ترغب في أي إصلاح يأتي من ممثلي الشعب، لأنها بكل بساطة تقتات من تأزيم الوضع واستمرار الضغط الشعبي على الحكم لتظهر هي بمظهر المدافع الوحيد عن المؤسسة الملكية، وهو نفس السيناريو الذي حدث مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي.
نفس الرد جاء على لسان  قيادي آخر من نفس الحزب وهوعبد الله بوانو  حيث قال "إن القصاصة التي نشرتها الوكالة تؤشر على انتقال مناهضي حكومة بنكيران من مرحلة الضرب تحت الحزام إلى مرحلة المواجهة المباشرة"، مشيرا إلى أن "مضمون القصاصة يؤكد وجود سيناريوهات مطبوخة للنيل من شعبية بنكيران وحكومته".
وأوضح قيادي العدالة والتنمية أن "هذه السيناريوهات انطلقت مع الأزمة المُفتعَلة بخصوص دفاتر التحملات لتتوج بهذه الخرجة الإعلامية غير المحسوبة"، معتبرا أن "وكالة المغرب العربي للأنباء مؤسسة إعلامية من المفروض أن تكون خاضعة للحكومة، وبالتالي فالتساؤل المطروح حاليا هو من يحرك هذه الوكالة؟.. مما يدل أن قيادة العدالة والتنمية واعية بمخطط الحاشية الفاسدة التي تبذل قصارى جهدما من أجل إفساد العلاقة بين الملك وممثلي الشعب. كيف لا و أفتاتي نفسه كان ضحية القناة الثانية التي حولت طلب نقل مريض للعلاج إلى تهمته الاستنجاد بدولة أجنبية وتبعتها وزارة الداخلية ببيانها المشهور؟! وهو الذي طالب الهمة بتصفية تركته حتى يتمكن الشعب من القطع من الماضي والخروج من الحلقة المفرغة.
إعلام الداخلية في حلة جديدة
كانت الداخلية في العهد السابق تشرف على عدد من الجرائد العربية والفرانكفونية، تحتكر حصة الأسد من دعم الدولة ومن الإعلان، كما كانت تسير عددا من الجمعيات الموالية للقصر بغرض منافسة المجتمع المدني وسحب البساط من المعارضة، وهو ما اصطلح عليه وقتها بالحزب السري. و حسب العديد من المتتبعين للمشهد الإعلامي بالمغرب، فإن جريدة "اوجوردوي لوماروك"التي يديرها خليل الإدريسي ظهرت سنة 2000 بإيعاز من جهاز المخابرات في عهد الجنرال حميدو لعنيكري. تميز خطها التحريري بمناهضة التيارات الإسلامية و الدفاع عن الحداثة بالمفهوم الاستئصالي المعروف والإشهار للخمور والقمار والكازينوهات.  هاجمت العلماء والدعاة وعلى رأسهم الأستاذ بنشقرون رئيس المجلس العلمي للبيضاء لما تحدث عن اليهود ووصفهم بما جاء في القرآن الكريم. وخصصت للدكتور أحمد الريسوني مقلبا خاصا، بدأ بحوار عادي حول إمارة المؤمنين و مأسسة الفتوى ليتحول إلى الطعن في أهلية أمير المؤمنين محمد السادس أي الخيانة العظمى !! نجحت الخطة بعدما تم تحريك أبواق أخرى وكثر اللغط وكانت الوقيعة بين الرجل و الدكتور الخطيب رحمه الله، مما اضطر الريسوني إلى تقديم استقالته من رئاسة حركة التوحيد والإصلاح وجريدة التجديد.
وهكذا تم التخلص من عالم مقاصدي نشيط ومجتهد ومؤمن بضرورة البيعة الشرعية وكان أول قائد حركة إسلامية يلقي درسا دينيا في إطار الدروس الحسنية ، في إشارة من الملك نفسه إلى رغبته في التطبيع مع الإسلاميين ودمجهم في المشروع الإصلاحي والاستفادة من خبراتهم وطاقاتهم ، مما أزعج بعض الاستئصاليين في محيط القصر ، فبدأت المكائد والدسائس.
كيف تصرف الهاشمي الإدريسي مع الصحفي أنوزلا ؟
منذ سنوات، أصدرت إحدى محاكم الدار البيضاء، الحكم بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ وبالتعويض والغرامة بـنحو 20 ألف دولار ضد صحفيين من "الجريدة الأولى"، هما علي أنوزلا مدير النشر ورئيس التحرير وجمال بودومة، وذلك على إثر الدعوى التي رفعها ضدهما خليل الهاشمي الإدريسي مدير نشر "أوجوردوي لو ماروك" بتهمة المس بـ"هيبة القضاء".
وتعود قصة هذه القضية عندما أقدم صهر للملك (حسن اليعقوبي) على إطلاق النار على شرطي مرور لما أوقف سيارته لأنه لم يحترم إشارة المرور. بعدها صدرت افتتاحية في "أوجوردوي لو ماروك" تصف الصحف التي تناولت ذلك الحادث وأشارت إلى مرتكبه بالاسم ونشرت صورته بأنها تفتقد إلى "الروح الوطنية" ولا تفهم في "أخلاق المهنة". وعندما عقب الزميل جمال بودومة على افتتاحية "أجوردوي لوماروك" قام مدير نشرها برفع دعوى ضد "الجريدة الأولى" بتهمة "القذف والسب"، (لأنه لم يراعي مكانة الشريف!!! ) و صدر حكم لصالحه يغرم مدير نشر ورئيس تحرير "الجريدة الأولى وصحفيها بـ 16 ألف دولار كتعويض وغرامة.
بعد مدة سيعفو خليل الهاشمي عن مدير الجريدة الأولى!!!  وهو ما يذكرنا بامتيازات طبقة النبلاء وحاشية الملك في أروبا.
وعن احتكار الإشهار، يقول رشيد نيني في حق خليل الإدريسي:" وقد اكتشف أعضاء مؤسسة «لوجيدي» الفرنسية للتحقق من الانتشار مقدرات خليل الهاشمي الإدريسي في مجال التنويم المغناطيسي عندما أراد أن يقنعهم بأرقام غير حقيقية لمبيعات جريدة «أوجوردوي لوماروك»، فاكتشفوا حيلته وانتهوا إلى إعلان الأرقام الحقيقية والمتدنية لمبيعاته، طبعا دون احتساب آلاف النسخ التي يشتريها منه «إدريس بنهيمة» ليوزعها في طائراته، أو آلاف النسخ التي تشتريها منه سلسلة فنادق «آكور» بتوصية من أزولاي، وهكذا ساهموا في هروب المعلنين من صفحات جريدته بعد أن اكتشفوا أرقام مبيعاتها الحقيقية". (انظر عمود شوف تشوف بجريدة المساء).
فهل أدى رشد نيني ثمن جرأته على الأسياد؟ أم أن الأمر يتعلق بمؤامرة من "عفاريت الإعلام" الرسيمي ضد الصحافة المستقلة النزيهة؟
ولو كان من القصر:
تلكم بعض "منجزات" السيد خليل الهاشمي الإدريسي في مجال الإعلام ، فهو ورئيس فيدرالية الناشرين ورئيس وكالة المغرب العربي للأنباء والمتحكم في المعهد العالي للصحافة وصاحب العلاقات الدولية المعلومة أي "الكل في الكل" في مجال الإعلام، ولا بد أن يتزلف له كل صحفي يريد أن يحافظ على "خبزته" وينجو من المضايقات. خليل الإدريسي كان يتصور أن بنكيران لا يختلف عن عباس الفاسي الذي استدعاه يوما هو ووزير الاتصال السابق خالد الناصري ليوشحهما بوسام الرضى والعطف الإدريسي، ولا بد أنه يشعر أن مملكته الإعلامية تهتز و أن صنبور الإعلان سوف يقننه دفتر التحملات الواضح والشفاف، في ظل حكومة منتخبة فعلا وعازمة على تطهير البلاد من المفسدين مهما كان قربهم من القصر، وذلك هو الضوء الأخضر الذي تلقاه وزير العدل مصطفى الرميد من الملك نفسه.

محمد السباعي


من جيل الصحوة إلى جيل النهضة



في البدء كانت الصحوة
عاش كثير من شباب المغرب صحوة إسلامية مباركة منذ أربعة عقود. و كان التأثر بالمشرق العربي ظاهرا منذ البداية. فكان جيل الصحوة مولعا بكتابات الرواد الأوائل لحركة الإخوان المسلمين بمصر وسوريا و لبنان. فتربى شباب الصحوة في مجالسه على مدارسة كتاب "معالم في الطريق" للشهيد سيد قطب ورسائل الشهيد حسن البنا رحمه الله وكتابات يوسف القرضاوي و محمد الغزالي وفتحي يكن... ونهل الجيل الأول من مجلة "الأمة " القطرية وتعلقت أحلامه بعودة الخلافة الإسلامية من جديد. وكانت "الشبيبة الإسلامية" أول تنظيم إسلامي بالمغرب، تميز بالخطاب الثوري الانقلابي خاصة بعد نجاح الثورة الإيرانية. ولكن الحادث المؤسف لاغتيال القيادي اليساري عمر بنجلون والغموض الذي لف القضية و الاعتقالات والمحاكمات التي نجمت عنها... كل ذلك هيأ ظروفا ملائمة لما سمي حينها بالتوجه الجديد بقيادة الأساتذة عبد الإله بن كيران ومحمد يتيم وسعد الدين العثماني و المقرئ أبو زيد... أي الخروج من التنظيم المغلق  إلى التنظيم الرسالي (المهندس محمد الحمداوي) و العمل في ظل الشرعية القانونية والإصلاح من داخل المؤسسات ونبذ العنف والانقلابية وانتزاع الاعتراف الرسمي بها. هذا التيار ركز منذ نشأته على المخالطة الإيجابية والتدرج والتعاون على الخير مع الغير وتأصيل فقه الحوار (د. سعد الدين العثماني) وتأهيل الشباب لاقتحام المؤسسات الرسمية والتدافع مع الفساد وتوسيع رقعة الصلاح في المجتمع. وعرفت هذه المدرسة دفعة قوية بعملية الوحدة الاندماجية بين مكونين أساسيين هما حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي سنة 1996، ثم فتح باب المشاركة السياسية من خلال حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية بزعامة الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه الله، والذي سيتحول إلى "العدالة والتنمية" فيما بعد، و تم اعتماد مبدأ التخصص ، فبقيت حركة التوحيد والإصلاح مرابطة في وظائفها الأساسية وهي الدعوة و التربية والتكوين. في حين تفرغ حزب "العدالة والتنمية" للإسهام في تدبير الشأن العام من خلال المجالس المنتخبة إلى أن حصل على الأغلبية البرلمانية في تشريعيات 25 نوفمبر 2011 وشكل أول حكومة في ظل الدستور الجديد.
شباب الصحوة بين الثابت والمتغير
ومع كل هذا التطور الذي عرفه الجناح المؤمن بالمشاركة من خلال المؤسسات القائمة في ظل النظام القائم، فضلت فصائل إسلامية أخرى الاستمرار في أسلوب المقاطعة والتميز و الرفض المطلق لكل أشكال التعامل مع النظام القائم في المغرب واعتبار ذلك اعترافا به ودعما لفساده. وركزت جهودها على "التربية الروحية" و خطاب المظلومية والحصار، غير آبهة بكل ما تم من إصلاح دستوري أو تغيير حكومي، ولا زالت تصر على تشبثها بشعار الزحف والقومة والتغيير الجذري للنظام. و جاء امتحان 20 فبراير، واصطف تيار الرفض مع اليسار الراديكالي و نزل بثقله، وراهن على نزول الشعب المغربي وراءه إلى الشارع، فكانت المفاجأة أن الأحزاب الوازنة رفضت النزول و الدخول في مغامرة غير محسوبة. ووجدت هذه الفصائل نفسها معزولة مما اضطرها إلى التراجع الفجائي الذي خلف تذمرا لدى الشباب المتحمس. 
و في المقابل، ازدادت شعبية التيار المشارك الذي عانى رموزه في بدية الأمر من تهم العمالة والخيانة والنفاق والمصلحية... ولا زال المقاطعون ينظرون إليها بعين التشكيك و التوجس. ولكن الرسالة الأخيرة التي وجهتها جماعة العدل والإحسان إلى حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية ، تؤكد أن توجه المشاركة و والمساهمة في الإصلاح من الداخل أكبر من مجرد نزوات لأفراد  قلائل، بل هو تيار شعبي معتبر و ممتد في المجتمع المغربي. هذه الرسالة أرجعت المهتمين من جديد إلى قضايا خلافية قديمة ولو لم تفصح عنها الكلمات من قبيل موضوع البيعة والديمقراطية وطبيعة النظام البديل... وهي قضايا كانت تشغل شباب الصحوة في بداية السبعينات وتبقى اجتهادات مقبولة في إطار الاختلاف الشرعي المحمود الذي لا يفسد للود قضية.
شباب الحركة الإسلامية والتحديات الراهنة
 من الناحية العملية، تبين بالملموس أن القبول بالديمقراطية والانخراط في مؤسسات الدولة والمشاركة الفاعلة والتدافع الرسالي السلمي في الساحة بشكل متدرج قد أكسب شباب الحركة الإسلامية خبرة كبيرة، مما أهلهم لتبوء مناصب وزارية و تدبير مرحلة تشكيل الحكومة الحالية بحنكة عالية، مما جعل الأنظار في الداخل والخارج تتجه نحوهم وبالتالي تم تهميش تيار المقاطعة والرفض بدعوى الحفاظ على الثوابت والخوف من الذوبان والاحتواء. ليس المطلوب الآن من تيار المقاطعة التراجع عن قناعاته وشعاراته ، بل المطلوب استحضار المتغيرات الإقليمية والفرص التي أتاحها الربيع العربي لاستدراك الأمر وإعادة قراءة الواقع بنوع من النسبية والموضوعية و الشمولية، أي الفصل بين الثابت والمتغير في مشروع الحركة الإسلامية. و بالتالي إعادة طرح الأسئلة القديمة على ضوء المستجدات الوطنية و الإقليمية. هل نستمر في إشغال الشباب بقضايا خلافية قديمة جديدة من قبيل: الديمقراطية أو الشورى؟ القطرية أم العالمية؟ إمارة المؤمنين أم الخلافة على منهاج النبوة؟ الدولة الإسلامية أم الدولة المدنية؟ التنظيم المغلق أم التنظيم الفتوح؟ السرية أم العلنية؟ الشيخ المربي أم الرئيس المنتخب؟ التصوف وتغليب التربية الروحية أم فقه المقاصد و تغليب العقل؟ مخالطة الناس أم العزلة و التميز؟
إن المطلوب من شباب الحركة الإسلامية اليوم هو الانتقال من الاتهام إلى الاهتمام، و من الشعارات إلى البرامج، ومن الأحلام إلى الواقعية والنسبية. و المطلوب من التنظيمات تجديد أساليبها في العمل و التأطير لإعداد الخلف و تخريج جيل النهضة المنشود و تأهيليه للمساهمة في البناء والعطاء والإبداع وتجاوز خطاب الصحوة الشعورية و مقولات السبعينات و الردود على الشبهات. ذلك أن تحديات النهضة ليست تحديات الصحوة وزمن البدايات، خاصة مع تزايد مظاهر الغلو الديني واللاديني على السواء. فكان لزاما على الحركة الإسلامية المساهمة في ترشيد التدين وتعزيز الوسطية في صفوف المتدينين بإدماجهم في العمل الجمعوي والنقابي والحقوقي بعدما حسمت المعركة الدستورية مسألةالتنصيص على إسلامية الدولة. بهذا المنهج، استطاع تيار المشاركة تخريج قيادات شابة رفيعة المستوى قادرة على التجديد والإبداع دون التنكر لثوابتها الإسلامية الأصيلة. فما أسهل النقد من بعيد، لكن ما أصعب تقديم البديل وإعطاء القدوة من موقع المسؤولية والإبداع في حل مشاكل الناس. و ما أسهل الزهد والورع داخل حلقات الذكر ومجالس الإخوان، وما أصعب ذلك داخل قبة البرلمان أو ديوان الوزارة.

محمد السباعي، فاعل جمعوي