05 فبراير 2011

تصاعد اليمين بأوربا والمغاربة المقيمون بها


نظمت جمعية جذور للمغاربة المقيمين بالخارج بطنجة يوم السبت 15 يناير2011 بغرفة الصناعة والتجارة والخدمات ندوة علمية في موضوع "تصاعد اليمين بأوربا والمغاربة المقيمون بها:الانعكاسات المتوقعة وإمكانيات الاستيعاب" رحب مسير الندوة الدكتور عبد الناصر التيجاني(رئيس جمعية جذور) بالأساتذة وبعموم الحاضرين،كما عرف بالجمعية وأهدافها حيث أجملها في أربع:
 - ربط مغاربة الخارج بوطنهم  وبهويتهم الحضارية والعقدية واللغوية.

- مساعدتهم على حسن الاندماج للايجابي في محيطهم الجديد.
- الإرشاد الأسري ، وتوجيه الشباب.
- تنظيم دورات تكوينية في العمل المدني تستهدف جمعيات المغاربة بالخارج.
ثم ذكر السيد التيجاني بأهداف الندوة التي أجملها في:
ـ انها تأتي في ظل تصاعد اليمين بأوربا وخاصة اسبانيا،وسعيها للتشويش على القضية الوطنية ، ومحاولة التأثير على البرلمان الأوربي.
ـ وجود قيم مشتركة بين الإسلام وبين اليمين(قيم الأسرة –الموقف من الشذوذ والإجهاض...)
ـ تنوير الرأي العم والمهتمين بآراء المختصين.
ثم أحال المسير الكلمة للدكتور محمد العمراني بوخبزة ( أستاذ بكلية الحقوق بطنجة): والذي أكد في البداية على ضرورة تحديد المقصود بمفاهيم اليمين والمهاجر.
فمصطلح اليمين ارتبط بالبرلمان البريطاني حيث كان حلفاء الحكومة يجلسون عن يمينها ،والمعارضة على يسارها...ثم اتخذ هذا المصطلح حمولة إيديولوجية بعد ذلك ،إذ يمكن تقسيمه إلى يمين متطرف ، ويمين معتدل وآخر وسطي،لكن هذه الأنواع الثلاثة تشترك في عدائها للإسلام والمسلمين . وبعدما كان التخويف من الإسلام (الاسلاموفوبيا) ومعاداة المهاجرون فيه نوع من التحرز إذ كان التعبير عنه لا يتجاوز دهاليز المقرات أو في بعض المناسبات فقد أصبح اليمين( بأنواعه الثلاث) اليوم يخلق جسورا لرفع شعارات موحدة ضد الإسلام والمسلمين.. بل وأصبح يجاهر بهذا العداء..
إما عن المهاجر فقد حصر الحديث عن المهاجر المغربي، فقد كانت أوربا في حاجة إلى اليد العاملة وهذا النوع من المهاجرين لا يتوافق مع الطفرة الحضارية التي شهدتها وتشهدها أوربا فاقتضت مصلحتها أن يقبل اليمين الوضع إلى حين...لكن أوربا اليوم في حاجة إلى أنواع محددة ..والدول المصدرة كالمغرب لا توفر كل الطلب من هذه الأنواع بل لها فائض في النوع الأول تريد التخلص منه..وهذا هو العامل الأول من عوامل عداء اليمين للإسلام.
والعامل الثاني هو عدم وجود الرغبة في الاندماج خاصة عند النوع الأول من المهاجرين.
والعامل الثالث سلوكيات المهاجر واهتماماته وطموحاته ، فمن حيث السلوكيات: فاغلبها سلبي يصعب تجاوزه عند الأوربيين خاصة عندما يتعلق الأمر ببعض العادات والأعراف...ومن حيث الاهتمامات فهي محدودة السقف ومحددة في لقمة العيش...أما الطموحات فهي أيضا محدودة إما لوجود معيقات موضوعية ، وإما لان قدرات المهاجر محدودة لاسيما إذا استحضرنا أن أغلب المهاجرين من الجيلين الأول والثاني تعليمهم وثقافتهم محدود جدا.
أما العامل الرابع فيكمن في غياب التأطير والمأسسة حيث لم يتمكن المهاجرون من الانخراط في مؤسسات تمنحه التأثير في الفعل السياسي والمدني وتجعل منه قوة اقتراحيه مشاركة في اتخاذ وصنع القرار.  
يضاف إلى هذا غياب سياسة وطنية واضحة تجاه المهاجرين وانحصارها في اعتبارهم موردا أساسيا لجلب العملة الصعبة.
وقد خلص الدكتور العمراني في نهاية مداخلته إلى أن المهاجر ضحية ،وان اليمين لم تسطع شمسه بأوربا بسبب معاداته للإسلام والمسلمين ولكن بسبب تراجع دور اليسار وانحساره.

المسلمون بأوربا ..بين الانتماء ..وفك الارتباط بالوطن
وبعده اخذ الكلمة الدكتور امحمد طلابي(رئيس فرع المنتدى العالمي للوسطية والاعتدال بالغرب الإسلامي) الذي نبه إلى ضرورة تفسير العداء للإسلام تفسيرا استراتيجيا، وليس سياسيا فقط ،خاصة وان مفكري الغرب أصبحوا على قناعة كبيرة بان ميزة القرن الواحد والعشرين هي العودة إلى الدين، واعتبرها بمثابة قانون ،والدين الذي يشبع الحاجات المادية والمعنوية للأوربيين طبعا هو الإسلام ، لان الحداثة حققت الجوانب المادية دون الجوانب الأخرى خاصة الروحية منها...
ولان أوربا تشتعل شيبا ، وسيتناقص عدد سكانها إلى حدود مهولة في نهاية هذا القرن ، وبما أن أي جهة من الجهات لا يمكن أن تمد أوربا بالإنسان سوى العالم الإسلامي، فانه يتوجب علينا البحث عن آليات ووسائل لمساعدة المسلمين بأوربا لان يكونوا صالحين ومصلحين ، فقد أصبحوا مواطنين ،وعليهم أن يقتلوا جواد الجلاء والرحيل .بل وعلى المهاجرين تأثيث البيت الجديد بقيم الإسلام وحضارة الإسلام ،ومن يفكر في العودة من المهاجرين أو منا نحن الذين ننتظر عودتهم خلال العطل والمواسم مخطئون خطأ استراتيجيا،لان من يفكر في العودة يريد إعادة سيناريو ما وقع للمسلمين بالأندلس.
وجوابا على سؤال طرحه الدكتور طلابي ،كيف يمكننا المساهمة في تشكيل العقلية المواطنة لدى المهاجرين؟ قال علينا تجديد الوعي بمفهوم المواطنة والأخوة والجنسية ،لان الجنسية قد تكون بسبب العرق أو الإقليم أو الدين أو اللسان... والجنسية بأوربا تعني الانتماء للإقليم ويؤكد أن لا تعارض في الإسلام بين أن تكون مسلما وأوربيا  في آن واحد.
كما أن على المسلم أن يعي ويقدر ما أنتجته الحضارة الغربية فهي حضارة عظيمة ينبغي الدفاع عنها لان العدل الاجتماعي وحقوق الإنسان والديمقراطية والعقلانية...كل ذلك من المكتسبات التي ينبغي الوعي بها والدفاع عنها،خاصة وان الغرب اليوم تعمل بعض الجهات فيه إلى الإجهاز على حقوق الإنسان ، بل وتعمل جاهدة وبكل الوسائل على تغيير قيم المسلمين، وسلخهم من هويتهم الحضارية الإسلامية.
وقد وصف الدكتور طلابي المجتمع الأوربي والغربي عموما مثل الطفل المتسخ صاحب الثياب الرثة ،والواجب على المسلمين احتضان هذا الطفل(الغرب الإنساني) وتطهيره من الأوساخ والاعتناء به.مؤكدا على أن العالم اليوم يعاني من الاسلاموفوبيا ، كما يعاني من الغربوفوبيا (الصورة النمطية عن الغرب وان كل ما فيه غير صالح).
وقد طالب الدكتور طلابي المسلمين بالعمل على تجديد الفقه في أوربا ،والكف عن اليهود وعن المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية،بل والعمل على حماية العلمانية والديمقراطية وحقوق الإنسان ،بل والتبشير بالاندماج الايجابي والمواطنة الفعالة والمطالبة بالحصول على الجنسية .
إن إقامة الدين بالنسبة للمسلم بأوربا هو الإسهام في إصلاح الأوضاع بالغرب وعلى المسلمين إعادة الآدمية والعقلانية الراشدة لهذا الغرب ،ولا يتأتى ذلك إلا إذا أصبح المهاجر مواطنا.
سبتة ومليلية ..الواقع والأفاق
أما(رئيس الجماعة الإسلامية بمدينة سبتة المحتلة ورئيس الاتحاد الإسلامي باسبانيا) الدكتور محمد حامد علي فقد قدم صورة عن الوضع السياسي والاجتماعي بهذه المدينة المحتلة ،وأكد على أن المسلمين تمتعوا بهامش كبير من الحرية والحقوق خاصة فيما يرتبط بممارسة الشعائر الدينية  واحترام المساجد والمقابر...، خلال الفترة التي حكم فيها اليمين الفرنكاوي ،لكن ومع المرحلة الانتقالية عرف وضع المغاربة أسوأ الظروف  فجردوا من هويتهم لاهم أسبان ولا مغاربة لان اسبانيا كانت تخاف من النمو الديمغرافي المتزايد للمغاربة،حيث عملت السلطات الاسبانية سنة 1985 على تجريد المغارب بمدينتي سبتة ومليلية من هويتهم المغربية وأرادت أن تطبق عليهم ما اصطلح عليه بقانون الأجانب فقوبل هذا القرار باحتجاجات دامت سنة كاملة ،وبضغط من الدول الأوربية والسكان الأصليين اضطرت السلطات إلى التحاور وبالتالي التراجع عن هذا القرار ،لكنها استطاعت تجريد المغاربة من أسمائهم العائلية حتى لا يبقى لهم أي دليل لإثبات هويتهم إذا ما عرضت قضية احتلال المدينتين على المؤسسات الدولية ،وتحاول اسبانيا التمكين إما لليمين أو اليسار بالمدينتين المحتلتين ولا تقبل غيرهما من الأحزاب الأخرى.
وعن العداء للإسلام باسبانيا أكد الدكتور محمد علي انه متجذر وقد تكون حدته أكثر مما هو عليه الأمر بالدول الأخرى،لان الأسبان لازالوا يعانون من عقدة الأندلس الإسلامية وهم خائفون من استرجاع المسلمين لها.
وعن التوجه العام للمسلمين بالمدينتين المحتلتين قال الدكتور محمد علي أن هناك من يدعو إلى فك الارتباط بالمؤسسة الدينية بالمغرب وتوجه آخر يرى ضرورة تقوية هذا الارتباط بل والعمل على التوعية والتحسيس بضرورة استقلال المدينتين.
الاسلاموفوبيا.. التاريخ ..والواقع
أما المداخلة الأخيرة فكانت للدكتور عبد السلام بلاجي(أستاذ بجامعة محمد الخامس ، ومسؤول سامي سابق بأول وزارة للجالية بالمغرب) ، والتي أكد خلالها على أن الترجمة الحقيقية للاسلاموفوبيا هي *رهاب الإسلام* كما أورد ذلك الدكتور اسعد أبو خليل .
وقد ارجع الدكتور بلاجي التنظير الحديث للاسلاموفوبيا إلى عقد الأربعينات مع الفيلسوف أرنولد توينبي الذي ألقى محاضرة تحولت إلى كتاب سماه (الحضارات في الميزان ) حذر فيه من تصاعد الإسلام بأوربا كما نجد أيضا الكاتبة الايطالية أوريانا فانيتشي في كتابها (قوة المنطق) الذي حذرت أيضا من الإسلام ووصفت المسلمين بالفئران يتوالدون بسرعة كبيرة جدا وينبغي اجتثاثهم ...وهو نفس ما قاله أنطوان صفير اللبناني المسيحي. وأيضا ورد ذلك عن صاحب نظرية صدام الحضارات ...وغير هؤلاء كثير ممن تستغل كتاباتهم سياسيا من قبل اليمين المتطرف للتخويف من الإسلام . 
وقد وصل الخوف التخويف من الإسلام إلى طرح مجموعة من الساسة الأوربيين سنة 2004(ساركوزي- طوني بلير- ماريا اثنار –بوتين – ميرا أنخيل)  قانونا ينص على مسحية أوربا إلا انه قوبل بالرفض وعدل عنه بتوقيع الدستور الأوربي بكنيسة تاريخية بالبرتغال كخطوة رمزية .
ولان الجاليات لم تعد عضلات مفتولة ولم تعد لها تلك الأخلاق التي جاؤوا بها ، بل وأصبحوا يشكلون نخبا سياسية وفكرية... لذالك فهؤلاء المهاجرين يشكلون خطرا على أوربا ،وهم يخططون لأسلمة أوربا.
وقد ختم الدكتور بلاجي مداخلته بمقترحات منها:
ـ ضرورة العمل على تشريح الوضع الفكري والسياسي والميداني بأوربا والوعي بتحديات المرحلة .
ـمساعدة الجاليات المسلمة على الاندماج الايجابي.

   أعده الطالب الباحث: يونس بلمحجوب

ليست هناك تعليقات: