07 فبراير 2011

أسلحة للترهيب بميدان التحرير.. من كل عصر ولون!

الأمن المصري أطلق المياه على المصلين
أمام كافة الأسلحة التي تستخدمها أجهزة الشرطة في الدول البوليسية ضد مواطنيها مثل القنابل المسيلة للدموع، والأسلحة التي يستخدمها الخارجون عن القانون مثل السيوف والسكاكين والدهس بالسيارات، والأسلحة التي يستخدمها "الأعداء" في محاصرة "أعدائهم" مثل منع التزود بالطعام والدواء ومنع وجود الصحفيين، بل والأسلحة التي كان يُظن أنه ليس لها مكان في هذا العصر مثل الدهس بالخيول والجمال.. أمام كل هذا ما زلنا نسمع صوت الملايين في القاهرة ومدن أخرى بكل قوة تصيح "الشعب.. يريد.. إسقاط النظام".

السيارات "المسعورة"

نبدأ بأحدث ما ظهر من هذه الأساليب وهو ما سماه البعض بـ"السيارات المسعورة"، فقد تم نشر 3 مقاطع "فيديو" حتى الآن لسيارات تتبع جهات رسمية وحكومية وهي تنطلق بسرعة جنونية لتخترق صفوف المتظاهرين وتأخذ في طريقها وتحت عجلاتها عدداً لم يعرف بعد من القتلى والمصابين، بخلاف الصدمة النفسية الكبيرة التي انتابت جميع من في التظاهرة.


ففي القاهرة ظهر مقطعين الأول لسيارة تحمل أرقاماً دبلوماسية، قيل إنها مسروقة، وهي تدهس متظاهرين في شارع بالقرب من ميدان التحرير، وتعالت في الفيديو صرخات المتظاهرين المنددة بالسلطات، وهي تطالب بحمل المصابين سريعا إلى المستشفيات.

وكذلك أظهر مقطع سيارة تتبع الأمن المركزي التابع لجهاز الشرطة وهي تخترق متظاهرين وتدهس عدداً منهم في يوم "جمعة الغضب"، 28-1-1-2011 في طريق قريب من ميدان التحرير.

ومقطع ثالث في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة (شمال غرب القاهرة)، وهذه المرة لسيارة إطفاء وهي تدهس أيضاً بسرعتها الجنونية التي اقتحمت بها المتظاهرين وتسقط عدداً من الضحايا.

ولم يتم بعد التأكد من هوية قائدي هذه السيارات التي صعب على المتظاهرين الإمساك بها لسرعتها الجنونية، وإن وجه المتظاهرون الاتهام للسلطة التي يرون أنها الوحيدة التي لها عداوة مع المتظاهرين المطالبين برحيل الرئيس مبارك.

معركة الجمل


هذا هو الاسم الذي وصف به بعض المتظاهرين الأحداث الصادمة التي مروا بها يوم الأربعاء 2-2-2011 عندما فوجئ المتظاهرون العزل المتواجدون في ميدان التحرير بأعداد كبيرة من المسلحين والخارجين عن القانون يقتحمون الميدان، ويعيثون فيه ضرباً وتقتيلاً، بمختلف أنواع الأسلحة التي يستخدمها سواء الخارجون عن القانون أو الشرطة، ومن بينها القذف بالطوب والرصاص المطاطي والرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وقنابل المولتوف والسيوف والسكاكين والشوم والزجاجات الحارقة وآلات حادة صدأة.

وإلى جانب هذه الأسلحة ظهر سلاح جديد لأول مرة وهو استخدام خيول وجمال اقتحم راكبوها بها الميدان في سرعة كبيرة لتدهس المتظاهرين وتروعهم؛ ما أدى نتيجة لهذا كله إلى مقتل 10 أشخاص على الأقل من المتظاهرين وجرح المئات، وللمفاجأة الكبيرة ألهب الغيظ من استخدام العنف بهذه الطريقة السافرة المتظاهرين صدور المتظاهرين الذين اشتبكوا بلا خوف مع هؤلاء المقتحمين، وقبضوا على عدد كبير منهم وقيدوهم بالحبال، واكتشفوا أن كثيراً منهم من عناصر الشرطة أو عناصر دفعها الحزب الوطني لترهيب المتظاهرين كما ظهر في اعترافات بعضهم في مقاطع فيديو.

إخفاء الشرطة


هذا السلاح ربما السلاح الذي لم تستخدمه دوله في التاريخ قبل ذلك، وهو إخفاء جهاز الشرطة بالكامل من القاهرة والمدن الساخنة بالمظاهرات المطالبة برحيل مبارك "حتى تشيع الفوضى في البلد، وتنتشر أعمال السلب والنهب؛ فيصرخ الناس مطالبين بإعادة الوضع على ما هو عليه لحماية أنفسهم وممتلكاتهم"، وفق ما ذكره غالبية من المواطنين والمحللين.

فقد اختفت الشرطة تماما من هذه المدن مساء الجمعة 28-1-2011، في ظروف غامضة لمدة عدة أيام، غير أن اللجان الشعبية التي شكلها المواطنين بسرعة البرق في كل هذه المدن عوضت الناس عن هذا الغياب، وأشعرتهم بقوة لم يكونوا يشعرون بها، وهي قوة تماسكهم وقدرتهم على حماية بعضهم البعض.

واليوم السبت، استهدف تفجير خط أنابيب الغاز الطبيعي الرئيسية بمدنية العريش في محافظة شمال سيناء التي تمد الأردن وإسرائيل بالغاز، ورددت وسائل إعلامية رسمية مصرية أن "عناصر تخريبية" تقف وراء الحادث.

وأشار الصحفي توفيق غانم في حديث مع فضائية "الجزيرة" إلى أن تفجير خط أنابيب الغاز "قد يكون مخططاً من السلطات، وهدفه تقديم رسالتين للخارج والداخل، تقول رسالة الخارج إن استمرار المظاهرات في مصر سيشجع عناصر "تخريبية" على استهداف مصالح لدول خارجية في مصر، فيما تقول رسالة الداخل إن استمرار المظاهرات سيؤدي لشيوع التفجيرات في كل أنحاء مصر وإشاعة مزيد من الفوضى وغياب الأمن".

قطع الطعام والدواء


وردت أنباء من داخل ميدان التحرير عن أن "بلطجية" وأنصار للنظام المصري كانوا يعملون على منع دخول الطعام ومواد الإسعافات الأولية للمتظاهرين في الميدان، خاصة في يومي الخميس والجمعة، 3و4 فبراير في محاولة منهم للتضييق عليهم وإنهاكهم لإجبارهم على ترك الميدان.

كما تحدثت اللجنة الدلية للصليب الأحمر الدولي عن منع مسعفيها من الوصول إلى الميدان، وألقت السلطات القبض على عدد ممن قالت إنهم أجانب من دول مختلفة كانوا يحملون وجبات طعام وأدوية للمتظاهرين.

ترهيب الصحفيين


بالاعتقال والطعن والقتل ومصادرة أو تكسير الكاميرات واقتحام مكاتبهم أو الفنادق التي ينزلون فيها، وذلك بهدف ترويع الصحفيين ومنعهم من تغطية الأحداث، وهي التغطية التي جلبت على السلطات المصرية انتقادات غير مسبوقة من العالم الخارجي، زادت من الضغوط على النظام لتحقيق انتقال سلمي وسريع للسلطة.

ومن الحوادث التي وقعت في هذا الصدد اقتحام مكتب قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية بالقاهرة وتدمير معداته ومكوناته، بحسب القناة، واعتقال مدير المكتب، عبد الفتاح فايد، وصحفي آخر يتبع القناة.

كما تواردت أنباء عن اعتداءات على الصحفي نصر وهبي، مراسل جريدة النبأ بالأقصر خلال مشاركته في مسيرة سلمية، والاعتداء على مراسل جريدة الأهالي بالأقصر مع رئيس لجنة حزب التجمع بالمدينة، واقتحام مكتب "المركز الدولي للإعلام" بالقاهرة التابع لجماعة الإخوان المسلمين واعتقال عدد من الصحفيين والعاملين فيه.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن اثنين من صحفييها اعتقلا خلال الليل ثم أفرج عنهما، وكذلك قالت صحيفة "واشطن بوست"، وأكدت وكالة "رويترز" وشبكة "سي إن إن" إن عددا من صحفييها تعرضوا للضرب على أيدي أشخاص غير معروفين.

كما أشارت قناة "زفيزدا" التابعة لوزارة الدفاع الروسية إلى اعتقال فريق تصويرها من قبل مجهولين، وتحدث صحفيون أجانب عن مصادرة كاميراتهم قبل دخولهم إلى ميدان التحرير، أو اقتحام الفنادق التي ينزلون فيها.

وأشد اعتداء تعرض له الصحفيون حتى الآن هو الاعتداء الذي تعرض لها الصحفي بمؤسسة "الأهرام"، أحمد محمود، والذي أدى لوفاته لاحقاً.


المسيلة للدموع

القنابل المسيلة للدموع وخراطيم الرش بالمياه والضرب بالهروات والعصي، كانت أول الأسلحة التي واجهها المتظاهرون خلال مواجهتهم مع الشرطة في الأيام الأولى للمظاهرات، أي من يوم 25-28 يناير، وهي الأيام التي سبقت الاختفاء المريب والكامل لجهاز الشرطة في القاهرة ومدن ساخنة أخرى؛ حيث سعت بها الشرطة قدر إمكانها على منع وصول المتظاهرين إلى ميدان التحرير، أو ترهيبهم لإجبارهم على الفرار إلى بيوتهم حمايةً لأنفسهم.

ووسط هذه الأسلحة الساعية لردع المتظاهرين عن الاستمرار في التظاهر ضد النظام الحاكم فإنه لا يعدمون الوسائل للتغلب عليها، ومن هذه الوسائل اللجان الشعبية التي حلت محل الشرطة في حماية الأمن، واللجان التي تشكلت لتوصيل الطعام والشراب والدواء للميدان بكافة السبل بعيداً عن أعين من يترصدهم لمنعها، واستخدام هواتفهم المحمولة لرصد كافة الوقائع ونقلها إلى وسائل الإعلام للتغلب على أي نقص في التغطية الإعلامية.

ويبقى فوق هذه الوسائل وغيرها وسائل تستعصي على التوصيف، ومنها الدوافع القوية للتظاهر والتي مدتهم بقدرة أسطورية مكنتهم من التغلب على أسلحة جهاز الشرطة بأكمله في الأيام الأولى للمظاهرات حتى وصلوا بمئات الآلاف إلى الميدان بالفعل من "البلطجية" ومكنتهم من التغلب على "أتباع الحزب الوطني" الذين اقتحموا عليهم الميدان يوم الأربعاء الدامي، رغم كونهم عزلاً من السلاح، بل ومكنتهم على إعادة السيطرة على الميدان والبقاء فيه.

إفتكار البنداري

ليست هناك تعليقات: