01 يونيو 2010

"إعداديات وثانويات بدون تدخين" : الكبار معنيون كذلك !



أعطت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى رئيسة جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان الانطلاقة الرسمية لأنشطة مشروع "إعداديات، ثانويات ومقاولات بدون تدخين". وتهدف الجمعية من خلال هذا المشروع، الذي تم تقديم محتواه بالرباط في30 ماي الماضي، إلى الوقاية من التدخين في أوساط التلاميذ عبر تنظيم أنشطة تحسيسية وتربوية وتوجيهية حول أضرار التدخين، وكذا مواكبة ودعم المقاولات في إرساء خدمات وممارسات لفائدة مستخدميها من أجل الوقاية من التدخين ومحاربة الإدمان عليه. وحسب بلاغ الجمعية، يرتكز البرنامج المذكور على محورين أساسيين، أولهما الوقاية المبكرة من التدخين في الوسطين المدرسي والمهني، والثاني الإقلاع عن التدخين عند تلاميذ الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي وفي المقاولات، كما يرمي البرنامج إلى مساعدة المدخنين ودعمهم من أجل الإقلاع عن التدخين وحماية غير المدخنين من مضاعفاته، كما يروم تقويم القانون 1591 الخاص بمنع التدخين في الأماكن العمومية ومنع إشهار التدخين.
وأمام استفحال انتشار آفة التعاطي للتدخين بجميع أنواعه، خصوصا بين الشباب، واستغلال المروجين لأبواب ومحيط المؤسسات التعليمية لترويج هذه السموم، قامت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي بمجموعة من الإجراءات والتدابير للحد من هذه الآفة والحفاظ على صحة التلميذات والتلاميذ وحمايتهم من المخاطر التي تهدد سلامتهم الجسدية والنفسية كما ذكرت وسائل الإعلام.
وفي جهتنا الشرقية، نظمت النيابة الإقليمية لوجدة-أنكاد أياما تحسيسية ضد أضرار التدخين وكانت الانطلاقة من ثانوية وادي الذهب التأهيلية يوم الخميس 27 ماي الماضي وتميزت باستعراض الفرق المشاركة في الحملة وخيمات مفتوحة من إنجاز الأندية التابعة للمؤسسات التعليمية بالمدينة. وهذا عمل لا يمكن لأي مربي إلا أن ينوه به لأنه يشرك التلميذ في العملية ويشعره بمسؤوليته تجاه محيطه وتجاه مؤسسته. ولكن الأهم من كل ذلك في نظرنا هو أن يعطي الكبار القدوة الصالحة للصغار وهذا لا يتم إلا بمنع جميع المدرسين والإداريين والأعوان من التدخين داخل المؤسسة ولو اقتضى الأمر اتخاذ إجراءات تأديبية. قال تعالى:"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون". كيف يقتنع التلميذ بكل هذه الخطابات الرنانة وهو يعلم أن المتحدث عن التدخين هو أكبرا لمدخنين؟ إن فرقة الأمن الخاص التي كانت تستعرض قوتها في ساحة المؤسسة قد تضبط التلميذ في حالة تلبس بالتدخين ولكنها غير قادة على إقناعه بالإقلاع عن هذه الآفة. وهنا يبدأ عمل المربي والمدير والنادي الصحي والخطوة الأولى هي إعطاء القدوة. إن الزملاء الذين يدخنون بقاعة الأساتذة يجب أن يعلموا أن التدخين السلبي يقتل 600 ألف شخص في العالم سنويا ثلثهم نساء. لنقولها بصراحة: إن تدخين المربي داخل المؤسسة التعليمية أمام التلاميذ أو أماء الأولياء والزوار سلوك مشين ومدان. ومن المفروض أن يؤِثر هذا السلوك في النقطة الإدارية للمدرس وفي ترقيته كذلك. وعلى الوزارة أيضا أن تراعي معيار "عدم التدخين" في إسناد المناصب للنواب الإقليميين ولمدراء الأكاديميات إذا كنا فعلا جادين في تحقيق "مدرسة الاحترام" وتجسيد شعار "مؤسسات بدون تدخين".
لا يكفي إصدار مجموعة من المذكرات التنظيمية الرامية إلى منع التدخين داخل الحجرات الدراسية وفي فضاء المؤسسة، ولا تعميم إحداث النوادي الصحية باعتبارها فضاءات للتوعية والتحسيس بالقضايا الصحية بصفة عامة والتدخين بصفة خاصة، ولا إصدار وثائق تحسيسية وتربوية تبرز مدى خطورة التدخين، بل يجب أن يرى التلميذ كل ذلك في الواقع من خلال إجراءات وتدابير عملية ملموسة في حق الكبير والصغير على حد سواء. فما أقبح أن يتحدث المدخن الكبير عن أضرار التدخين للتلاميذ الصغار. سيصبح حينها أضحوكة في نظرهم إلا إذا اعترف بذنبه وأعلن توبته أمامهم. فجلهم يحفظ قول الشاعر: "لا تنه عن خلق وتأتي مثله/ عار عليك إذا فعلت عظيم". فهل ستكون عندنا الجرأة للنقد الذاتي والقيام بإحصاء نسبة المدخنين في صفوف أسرة التعليم ثم وضع برنامج عملي يستهدف هذه الشريحة المهمة من المجتمع وإشراك الأخصائيين في علاجهم من هذه الآفة بكل روح رياضية؟

ليست هناك تعليقات: