24 يونيو 2010

مراسلة من النقيب الأستاذ عبد الرحمن بن عمرو


أبعث إليكم ، قصد الاطلاع و اتخاذ ما يجب ، بنسخة من مراسلة ، مع مرفقاتها ،  وجهتها إلى :
                          - السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بالرباط .
                          - السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط .
                          - السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء .
  وهي المراسلة التي موضوعها وجوب تحرير المستندات ، المدلى بها أمام القضاء ، بالعربية أو الترجمة إليها .
وتقبلوا ، خالص الاحترام و التقدير .
النقيب عبد الرحمن بن عمرو
الرباط  في 11 / 6 / 2010
المرجع : ملف المراسلات مع المحاكم
                                                      السيد الرئيس الأول لدى محكمة الاستئناف بالربا
          الموضوع : حول عدم تحرير المستندات ، المدلى بها أمام القضاء ،  بالعربية أو الترجمة إليها

                        السيد الرئيس الأول ،
                        كما في علمكم فإنه مضى على ترسيم اللغة العربية
دستوريا ، ( القانون الأساسي للمملكة المؤرخ في 2 / 6 / 1961 و الذي تلاه
دستور 1962 ) حوالي نصف قرن ،  وأن الدستور هو أعلى قانون في البلاد ،
وأن جميع مقتضياته من النظام  العام ، وأن ترسيم اللغة دستوريا يعني وجوب
استعمالها في جميع الإدارات و المؤسسات العمومية ، بما فيها مؤسسة القضاء
طبعا ، وفي الجماعات المحلية ، وأن هذا الاستعمال واجب ، سواء داخل
الإدارات و المؤسسات و الجماعات المذكورة أو في علاقاتها مع بعضها أو في
علاقاتها مع المواطنين ...
                        وتمشيا مع رسمية اللغة العربية ، دون غيرها ،
دستوريا ، فقد صدرت قوانين            وقرارات ومنشورات واجتهادات
قضائية تؤكد وجوب استعمالها في المجالات المذكورة و التي من بينها على
وجه المثال :

      1 ) الفصل 5 من قانون رقم 64 – 3 بتاريخ 22 رمضان 1384 (  26 /
01 / 1965 ) المتعلق بتوحيد المحاكم  و الذي ينص : على أن العربية هي
وحدها لغة المداولات و المرافعات و الأحكام في المحاكم ، وتعني المداولة
مناقشة القضية ، سواء في الجلسات العلنية أو بين القضاة وهم في غرفة
المداولة السرية . وبما أن مناقشة الحجج ، سواء كتابة أو شفاهة ، لا يمكن
أن يكون إلا بالعربية ، فإنه يجب أن تكون الحجج و المستندات موضوع
المناقشة محررة بالعربية أو مترجمة إليها ...
******

      2 ) الفصل الاول من قرار وزير العدل رقم 65. 414 بتاريخ 29 / 06 /
1965 المتعلق باستعمال اللغة العربية  لدى محاكم المملكة ، وهو الفصل
الذي ينص على أنه : يجب ان تحرر باللغة العربية ، ابتداء من فاتح  يوليوز
1965 ، جميع المقالات و العرائض و المذكرات ، وبصفة عامة جميع الوثائق
المقدمة إلى مختلف المحاكم .

      3 ) ومنشور الوزير الأول السابق السيد عبد الرحمن اليوسفي رقم 98 /
58 و المؤرخ في 22 شعبان 1419            ( 11 / 12 / 1998 ) في موضوع
استعمال اللغة العربية ، وهو المنشور الموجه إلى السادة وزراء الدولة  و
الوزراء و السيدات و السادة كتاب وكتاب الدولة ، وهو المنشور الذي طلب من
المذكورين          " دعوة كافة المسؤولين و الأطر و الموظفين العاملين
بالإدارات العمومية و المؤسسات العامة الخاضعة لوصايتهم ،  و كذا
الجماعات المحلية ، إلى استعمال اللغة العربية في تحرير جميع المراسلات و
الوثائق الإدارية ، وإخبارهم بأنه يمنع استعمال لغة أخرى غيرها ...
" ( مرفق ) .


      4 ) ومنشور الوزير الأول الحالي ، السيد عباس الفاسي ، وهو المنشور
رقم 2008 / 4 المؤرخ في 15 ربيع الآخر 1429 الموافق لـ 22 / 4 / 2008 و
الذي موضوعه " استعمال اللغة العربية و الذي يحيل على منشور الوزير الأول
السيد عبد الرحمان اليوسفي ويتضمن نفس الطلبات التي جاءت في
منشور          هذا الأخير ( مرفق ) .

      5 ) و المذكرة رقم 5896 – 2 – و المؤرخة في 24/ 03 / 2003 و
الموجهة من وزير العدل ، المرحوم محمد بوزبع ، إلى الرؤساء الأولين و
الوكلاء العامين بمحاكم الاستئناف ، وبمحاكم الاستئناف التجارية ، وإلى
رؤساء ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية . وهي المذكرة التي موضوعها : "
ترجمة الوثائق            و المستندات المحررة بلغة أجنبية المدلى بها
أمام المحاكم ، و التي دعا فيها المذكورين العمل            على أن يطلب
من الأطراف الذين استدلوا بوثيقة محررة بلغة أخرى أن يقوموا بترجمتها إلى
اللغة  العربية ..." ( مرفق )

      6 ) وعلى مستوى الاجتهاد القضائي :
        أ - فقد جاء في القرار عدد 1346 المؤرخ في 28 دجنبر 2005 –  و
الصادر عن الغرفة التجارية بالمجلس الأعلى ملف تجاري - عدد 87 / 3 / 1 /
2002 ، كقاعدة ما يلي :
                        " الوثائق المعروضة على القضاء المغربي يجب أن
تحرر باللغة العربية .
                        " الوثائق المكتوبة بلغة أجنبية يجب أن تنقل إلى
اللغة العربية " ( مرفق )
    ب - حكم إدارية الرباط رقم 2100 بتاريخ 25 / 10 / 2007 – ملف رقم
583 / 7 / 05 و الذي خرج بالقاعدة التالية : " إقدام الوزير الأول على
إصدار منشور باللغة الفرنسية يشكل خطأ مرفقيا تسأل الدولة عن الأضرار
المترتبة عنه ... نعم " .( مرفق )
                        ورغم مقتضيات الدستور و القوانين و القرارات و
المنشورات المتوالية الصادرة عن الوزراء الاولين في إطار تطبيق الدستور ،
و رغم الاجتهادات القضائية المستجيبة لما ذكر ، فلا زالت الإدارة
المغربية ، في الأغلبية الساحقة منها ، تستعمل اللغة الفرنسية ، كأنها ،
من الناحية العملية هي اللغة الرسمية ، وتغيب وتهمش استعمال اللغة
العربية ، كانها من الناحية الواقعية غير رسمية ، وبسبب هذا الاستعمال
الواسع للفرنسية ، تصل الآلاف من الوثائق و المستندات و القرارات و
المحاضر المحررة باللغة الفرنسية إلى ملفات المحاكم وذلك بمناسبة
المنازعات القضائية ، بحيث يكاد لا يخلو ملف ، وخاصة بالمحاكم الإدارية و
التجارية ، من احتوائه على العشرات من الوثائق المحررة بالفرنسية ،
وأحيانا بالإنجليزية أو الاسبانية . وفي غالب الأحيان لا تأمر هيئات
المحاكم ، وبصفة تلقائية ، بترجمة هته الوثائق إلى العربية الشيء الذي
ينتج عنه أمران خطيران :
                        الأول : مخالفة مقتضيات الدستور من طرف القضاء .
                        الثاني : المساهمة في تدني مستوى الأحكام
القضائية و في مستوى مذكرات الدفاع ، إذ من المعرف أن القضاة يكونون
قناعاتهم ، من أجل الحكم لفائدة هذا الطرف أو ذاك ، على الفهم
الجيد            و الإدراك العميق للحجج المدلى بها . و لا يمكن
الوصول إلى ذلك بدون الإثقان الكبير للغة التي كتب بها المستند وإثقان،
بالإضافة لذلك، للمصطلحات التقنية التي لها علاقة بموضوع المستندات
( مصطلحات :  طبية – هندسية – ميكانيكية – زراعية – ضرائبية – تجارية –
بنائية ... إلخ ) .
                        وبالنسبة لعلاقة تحرير المستندات المحررة باللغة
العربية أو المترجمة إليها ، بمستوى مذكرات الدفاع ، فإن ما قلناه بشأن
هيئة المحكمة ينطبق على الدفاع ، مع إعمال الغاية ، فالدفاع لا يمكن أن
يقتنع المحكمة ، عبر مذكراته ، بوجاهة حججه إلا إذا كان مدركا  لها
إدراكا جيدا ، ولا يمكنه ذلك إلا إذا كانت محررة بالعربية أو مترجمة
لها . و من ناحية أخرى لا يمكنه أن يفند حجج خصمه بكيفية مقنعة للقضاء
إلا إذا فهمها جيدا ، ولا يمكنه ذلك إلا إذا كانت محررة بالعربية أو
مترجمة لها .
                        و إذا كان من المفروض ، في القضاة و الدفاع فهم
اللغة العربية فهما جيدا ، لكونها اللغة الرسمية للبلاد ، فإنه ليس من
المفروض فيهم ذلك بالنسبة لأية لغة أجنبية بما فيها اللغة الفرنسية ...
                        أمام كل ذلك ، وغيره ، مالعمل من أجل تجاوز خرق
مقتضيات الدستور و القوانين              و القرارات المطبقة له وتجاوز
المساهمة في تدني مستوى الأحكام و مذكرات الدفاع ؟ :
******
                        و المطروح  كذلك هو ما العمل من أجل تنفيذ
مقتضيات الدستور و القوانين و القرارات التطبيقية له ، وذلك فيما يخص
وجوب استعمال العربية في الإدارات و المؤسسات العمومية ؟ :

                        إن من بين ما يقترح في هذا الخصوص ، من أجل
تجاوز جميع العراقيل التي تحول دون استعمال العربية من قبل الإدارات
المغربية و المؤسسات العمومية ما يلي :

  أولا : على السيد الوزير الأول محاسبة ومساءلة جميع الوزراء ورؤساء
المصالح ومديري المؤسسات العمومية و جميع الموظفين التابعين لهم الذي
رفضوا ويرفضون استعمال العربية طبقا لمقتضيات الدستور و القوانين و
القرارات التطبيقية له ، ولمنشوره رقم رقم 2008 / 4  ، خصوصا وأن مقتضيات
الفصلين 61 و 65 من الدستور تنص على أن الحكومة تعمل على تنفيذ القوانين
تحت مسؤولية الوزير الأول والإدارة موضوعة رهن تصرفها ، وأن الوزير الأول
يتحمل مسؤولية تنسيق النشاطات الوزارية .
                        هذا و إن عدم تنفيذ مقتضيات القانون من قبل
الإدارة تنتج عنها ثلاثة مسؤوليات :
                        المسؤولية الأولى مدنية : تتحمل بسببها الدولة
التعويض عن الاضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها  وعن الأخطاء
المصلحية لمستخدميها . ويمكن للدولة الرجوع على موظفيها
لاستخلاص            ما سددته من تعويضات للمتضررين ( المادتان 79 و 80
من قانون  العقود و الالتزامات ) . هذا  وإن عدم استعمال العربية من قبل
الإدارة لا بد أن تنتج عنه أضرار مادية ومعنوية للمتضررين من
ذلك          و الذين من حقهم المطالبة بالتعويض عنها ...
                        و المسؤولية الثانية تأديبية :  فالموظف ، مهما
علا شأنه و الذي يرفض إعمال القانون          و تنفيذ  أوامر  رؤسائه
المطبقة للقانون ، يعتبر مرتكبا لخطإ وظيفي يعرضه لعقوبة تأديبية وذلك
طبقا للفقرة الثانية من المادة 17 من قانون الوظيفة العمومية .
                        و المسؤولية الثالثة جنائية : ذلك لأن المادة
238 من القانون الجنائي تعاقب كل حاكم إداري عطل أو أوقف تنفيذ قانون أو
أكثر ، ومن  المعلوم أن الدستور هو أعلى قانون في البلاد .

    ثانيا : على السادة القضاة وهيئاتهم ، بمختلف درجات المحاكم
وأنواعها ، وسواء في ذلك قضاة النيابة العامة        أو قضاة الحكم أو
قضاة التحقيق ، أن يأمروا فورا وبصفة تلقائية وفي أول جلسة بالترجمة
الرسمية في آجال محددة لجميع الوثائق المقدمة للمحكمة و المحررة بلغة
أجنبية على أن يتحمل مصاريف الترجمة مقدم الوثيقة إذا كان مصدر الوثيقة
القطاع الخاص . أما إذا كان مصدرها القطاع العام ( الإدارة – المؤسسات
العمومية – الجماعات المحلية ) فتتحمل الخزينة العامة مصاريف الترجمة على
أن ترجع ، فيما  دفعته ، على الجهة مصدرة الوثائق المحررة بلغة أجنبية .
******
                        و نظرا  لكثرة الوثائق المحررة بلغة أجنبية و
المدلى بها أمام القضاء الأمر الذي يتطلب وقتا طويلا لترجمتها ، وإلى أن
يوضع حد نهائي لهذه  الكثرة عن طريق توقف من يصدرها بلغة أجنبية  و
انتقاله إلى تحريرها  بالعربية ، فإنه من المناسب توظيف خريجي معاهد
الترجمة لدى المحاكم من أجل القيام ، عند الحاجة ، بترجمة الوثائق
المحررة بلغة أجنبية إلى العربية ...

                        السيد الرئيس الأول ،
                        إن دوافع التوجه إليكم ، ومن خلالكم إلى أسرة
القضاء ، في موضوع ارتكاز العديد من الأحكام و القرارات القضائية على
وثائق محررة بلغة أجنبية وغير مترجمة للعربية ترجمة رسمية ، بما قد ينتج
عن ذلك من عدم عدالة تلك الاحكام و القرارات ، أقول إن دوافعي لذلك ،
كمحام ، هي كون المحاماة ، طبقا للمادة الأولى من قانون المهنة ، تساعد
القضاء ، وتساهم في تحقيق العدالة ، وإن المحامين ، بهذا الاعتبار ، جزء
من أسرة القضاء .
                        ولذلك ، لا يشاورني شك بأنكم ستولون هذه المذكرة
ما تستحقه من اعتبار وعناية وإجراءات قد يكون من بينهما عقد جمع عام
لجميع قضاة محكمتكم وقضاة المحاكم الابتدائية التابعة لدائرة محكمتكم من
أجل الخروج بتوصيات ، ترفع للحكومة عبر وزارة العدل ، في موضوع إغراق
المحاكم بآلاف الوثائق المحررة بلغة أجنبية وما يترتب عن ذلك من آثار
سلبية على وضعية العدالة بالمغرب                  و سبل تجاوز هذه
السلبيات . وهو الجمع الذي يمكن عقده ، في نطاق الفصل 6 مكرر من
مرسوم                498 . 74 . 2 المؤرخ في 25 من جمادى الثانية 1394
( 16 / 7 / 1974 ) الصادر تطبيقا لظهير 338 . 74 . 1 ( 15 / 7 / 1974 )
المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة .

                        وفي انتظار ما ستتخدونه في الموضوع ، تقبلوا
السيد الرئيس الأول خالص الاحترام  و التقدير .


النقيب عبد الرحمن بن عمرو



المرفقات :
1 / صورة من المنشور رقم 98 / 58 الصادر من الوزير الأول السابق السيد
عبد الرحمن اليوسفي في موضوع استعمال اللغة العربية ( م . 1 ) .
******

2 / صورة من المنشور رقم 2008 / 4 الصادر من الوزير الأول الحالي السيد
عباس الفاسي ( م . 2 ) .
3 / صورة من مذكرة وزير العدل السابق المرحوم محمد بوزبع و هي المذكرة
رقم 5896 - 2 بتاريخ                          24 / 3 / 2003 و التي
موضوعها ترجمة الوثائق و المستندات المحررة بلغة أجنبية المدلى بها أمام
المحاكم                  ( م . 3 ) .
4 / صورة من قرار الغرفة التجارية لدى المجلس الأعلى وهو القرار المؤرخ
في 28 / 12 / 2005 و الذي خرج بقاعدة وجوب أن تكون الوثائق المعروضة على
القضاء محررة باللغة العربية أو مترجمة إليها ( م . 4 ) .
5 / صورة من حكم إدارية الرباط ، وهو الحكم رقم 2100 بتاريخ 25 / 10 /
2007 و الذي خرج بقاعدة : مسؤولية الدولة عن الأضرار المترتبة على إقدام
الوزير الأول على إصدار منشور باللغة الفرنسية ...(م . 5 ) .
ملاحظة :
          وجهت نسخة من هذه المراسلة مع مرفقاتها قصد الاطلاع واتخاذ ما
يجب ، إلى :
        - السيد الوزير الأول .
        - السيد وزير العدل .
        - السيد رئيس هيئات المحامين بالمغرب .
        - السيد نقيب هيئة المحامين بالرباط .
--
مع تحيات
الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية
للتواصل

ليست هناك تعليقات: