في ظرف أقل من أسبوع، انهار بئر آخر من آبار الموت في نفس المكان بحاسي بلال مخلفا ثلاثة ضحايا جددا، نقل اثنان منهم على وجه السرعة إلى المستشفى، في حالة خطرة، في الوقت الذي تم انتشال جثة الضحية الثالثة، الذي لقي حتفه على الفور. وبلغنا أن رفاق الهالك رفضوا أن تنقل جثة الضحية في سيارة الوقاية المدنية، حيث تحلق عمال الساندريات حولها و بكى الجميع على الفراق و على الوضع البئيس وعلى اللقمة السوداء. ثم لفوا زميلهم في قطعة ثوب خشن (باش) قبل أن يطوفوا به في أزقة حاسي بلال ليحملوه أخيرا بأيديهم إلى مستودع الأموات. انتظرت أن أقرأ خبرا في الصحافة المحلية على غرار ما كتب زميلي أحمد حموش في المساء. فتذكرت أن الزميل يحيى الشيحي هو الآخر طريح الفراش شافاه الله، فكيف يستنجد غريق بغريق؟
هذه المشاهد المتكررة بجرادة تذكرنا بروايات إميل زولا التي تدور أحداثها في مناجم فرنسا في القرن التاسع عشر ، تذكرنا بجرمينال و جرفيز وكوبو وغيرهم، مع فارق بسيط هو أن جرمينال جرادة لا يجد من ينقل صرخته إلى المجتمع المغربي. فلم يتحرك والي الجهة الشرقية ولا عامل إقليم جرادة ولا محمد امباركي مدير وكالة تنمية الأقاليم الشرقية، ولا علي بلحاج رئيس الجهة الشرقية في زيارة تفقدية تضامنية مع هؤلاء المواطنين. و بقي الهاجس الوحيد لقوات الأمن هو إبقاء الوضع تحت السيطرة ومنع أي مسيرة أو مظاهرة. و نحن أساتـذة أبناء العمال في مدينة الفحم نشهد أن الأوضاع لحد الآن آمنة والحمد لله، ولكننا نشك في أن تبقى مستقرة مادامت آبار الموت في تزايد مضطرد ومادام عمقها يتجاوز 20 مترا في الأرض. في أي لحظة يمكن أن ينهار غار آخر أو تسقط صخرة على أحد العمال فترديه قتيلا.
في الشهر الماضي و من أجل بعض العمال في أحد المناجم في الشيلي ، تحركت كل أجهزة الدولة ، وجاء سيادة الرئيس بنفسه ليشرف على عملية الإنقاذ وحضرت الإذاعة و التلفزة وكل وسائل الإعلام لنقل الحدث مباشرة بالصوت والصورة... وتفجرت موجة من الاحتفالات في أرجاء البلاد واجتذبت قصة الإنقاذ اهتمام العالم. وكان نحو 1500 صحفي عند المنجم لكتابة تقارير عن عملية الإنقاذ التي أذيعت على الهواء في أنحاء العالم وشملت تغطية حية للعمال وهم يعانقون رجال الإنقاذ الذين نزلوا لنجدتهم في المنجم .أين عمال جرادة من هذا الاهتمام ؟ أين هي نيشان وتيل كيل التي لا تمل من نقل معاناة الشواذ المغاربة المضطهدين و تبكي على مصير الأمهات العازبات ولا تعرف شيئا عن جرمينال حاسي بلال؟؟؟
أين هي الأحزاب و الجمعيات والمجتمع المدني؟ هل رأت زليخة ناصري تلك الآبار؟ هل نقلت ذلك إلى جلالة الملك لما زار المدينة في الصيف الماضي؟ أم أنهم حجبوا عنها الحقيقة بذلك السور التاريخي المفبرك؟
لماذا خرست ألسنتكم و جفت أقلامكم يا أبناء حاسي بلال بعدما وصلتم إلى مناصب عليا في الرباط؟ اكتب شيئا يا أعراب إسيعلي وأنت مسؤول في وكالة المغرب العربي للأنباء. كفوا عن الحديث عن العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية بالمهرجانات الفارغة، وافعلوا شيئا ملموسا لتوفير لقمة العيش لهؤلاء. إنهم عمال وليسوا متسولين ولا منحرفين. لقد حكمتم عليهم بالإعدام مع وقف التنفيذ. أين وعودك يا إدريس بنهيمية؟ أين بنود الاتفاقية الاقتصادية التي وقعتها مع ممثلي الساكنة؟ أين الملايير المخصصة لتنمية الأقاليم الشرقية؟
لقد يئس عامل جرادة منكم، ولسان حاله الآن يبعث إليكم بالبيان التالي:
»أنا الموقع أسفله، والعامل أسفله، و الميت أسفله، عامل الساندريا بحاسي بلال، وبعد أن يئست منكم أيها المسؤولون والمنتخبون والوزراء ومن وعودكم، فإنني أطالبكم فقط بتوسيع مقبرة جرادة وتقريب مستودع الأموات من المواطنين. انتظرت طويلا مصنع الورق الذي وعدتموني به ، فجاء مشروع الجبن ثم تبخر، وجاءت القرية الصناعية ثم تبخرت الدكاكين، ولم تبق إلا المحطة الطرقية التي ظلت مغلقة لحد الآن بعد التدشين الملكي! وكأنها تقول لي: هيا ارحل من هنا، سافر إلى مدينة أخرى. و أنا أقول لكم ما تعلمت من أبي: جرادة دم في عروقي، لن أنساها ولو أعدموني. و تقبلوا مشاعر غضبي سخطي «.
محمد السباعي
هذه المشاهد المتكررة بجرادة تذكرنا بروايات إميل زولا التي تدور أحداثها في مناجم فرنسا في القرن التاسع عشر ، تذكرنا بجرمينال و جرفيز وكوبو وغيرهم، مع فارق بسيط هو أن جرمينال جرادة لا يجد من ينقل صرخته إلى المجتمع المغربي. فلم يتحرك والي الجهة الشرقية ولا عامل إقليم جرادة ولا محمد امباركي مدير وكالة تنمية الأقاليم الشرقية، ولا علي بلحاج رئيس الجهة الشرقية في زيارة تفقدية تضامنية مع هؤلاء المواطنين. و بقي الهاجس الوحيد لقوات الأمن هو إبقاء الوضع تحت السيطرة ومنع أي مسيرة أو مظاهرة. و نحن أساتـذة أبناء العمال في مدينة الفحم نشهد أن الأوضاع لحد الآن آمنة والحمد لله، ولكننا نشك في أن تبقى مستقرة مادامت آبار الموت في تزايد مضطرد ومادام عمقها يتجاوز 20 مترا في الأرض. في أي لحظة يمكن أن ينهار غار آخر أو تسقط صخرة على أحد العمال فترديه قتيلا.
في الشهر الماضي و من أجل بعض العمال في أحد المناجم في الشيلي ، تحركت كل أجهزة الدولة ، وجاء سيادة الرئيس بنفسه ليشرف على عملية الإنقاذ وحضرت الإذاعة و التلفزة وكل وسائل الإعلام لنقل الحدث مباشرة بالصوت والصورة... وتفجرت موجة من الاحتفالات في أرجاء البلاد واجتذبت قصة الإنقاذ اهتمام العالم. وكان نحو 1500 صحفي عند المنجم لكتابة تقارير عن عملية الإنقاذ التي أذيعت على الهواء في أنحاء العالم وشملت تغطية حية للعمال وهم يعانقون رجال الإنقاذ الذين نزلوا لنجدتهم في المنجم .أين عمال جرادة من هذا الاهتمام ؟ أين هي نيشان وتيل كيل التي لا تمل من نقل معاناة الشواذ المغاربة المضطهدين و تبكي على مصير الأمهات العازبات ولا تعرف شيئا عن جرمينال حاسي بلال؟؟؟
أين هي الأحزاب و الجمعيات والمجتمع المدني؟ هل رأت زليخة ناصري تلك الآبار؟ هل نقلت ذلك إلى جلالة الملك لما زار المدينة في الصيف الماضي؟ أم أنهم حجبوا عنها الحقيقة بذلك السور التاريخي المفبرك؟
لماذا خرست ألسنتكم و جفت أقلامكم يا أبناء حاسي بلال بعدما وصلتم إلى مناصب عليا في الرباط؟ اكتب شيئا يا أعراب إسيعلي وأنت مسؤول في وكالة المغرب العربي للأنباء. كفوا عن الحديث عن العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية بالمهرجانات الفارغة، وافعلوا شيئا ملموسا لتوفير لقمة العيش لهؤلاء. إنهم عمال وليسوا متسولين ولا منحرفين. لقد حكمتم عليهم بالإعدام مع وقف التنفيذ. أين وعودك يا إدريس بنهيمية؟ أين بنود الاتفاقية الاقتصادية التي وقعتها مع ممثلي الساكنة؟ أين الملايير المخصصة لتنمية الأقاليم الشرقية؟
لقد يئس عامل جرادة منكم، ولسان حاله الآن يبعث إليكم بالبيان التالي:
»أنا الموقع أسفله، والعامل أسفله، و الميت أسفله، عامل الساندريا بحاسي بلال، وبعد أن يئست منكم أيها المسؤولون والمنتخبون والوزراء ومن وعودكم، فإنني أطالبكم فقط بتوسيع مقبرة جرادة وتقريب مستودع الأموات من المواطنين. انتظرت طويلا مصنع الورق الذي وعدتموني به ، فجاء مشروع الجبن ثم تبخر، وجاءت القرية الصناعية ثم تبخرت الدكاكين، ولم تبق إلا المحطة الطرقية التي ظلت مغلقة لحد الآن بعد التدشين الملكي! وكأنها تقول لي: هيا ارحل من هنا، سافر إلى مدينة أخرى. و أنا أقول لكم ما تعلمت من أبي: جرادة دم في عروقي، لن أنساها ولو أعدموني. و تقبلوا مشاعر غضبي سخطي «.
محمد السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق