22 أغسطس 2010

حتى لا يبقى الوجديون في دار غفلون

 لما نقلت خبر انسحاب الرئيس من جلسة يوليوز، اتهمني المدعو أمين برحمان (اسم مستعار؟) بالكذب والبهتان ، وتحدانى بالإتيان بالدليل والبرهان، فرفعت التحدي وقدمت للقراء الكرام 3 أشرطة فيديو ومجموعة من الصور لاستمرار الأشغال بعد خروج عمر احجيرة وما تبقى له من الأغلبية، أي من الثانية عشرة ليلا إلى الثانية والنصف صباحا وهي مدة كانت كافية للمناقشة والمصادقة على ما تبقى من جدول الأعمال. وكأنني توقعت أن ينكر أحدهم ما وقع. فحين أكتب مقالا خبريا ألتزم قواعد الصحافة و منها تمحيص الخبر  والتأكد من صحته من خلال مصادر مختلفة و التزام الحياد والتوازن ما أمكن، ذلك ما تعلمته في مدرسة "التجديد" و في الدورات التكوينية للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بوجدة. وقد تطلب مني ذلك جهدا كبيرا في الاتصال بالحاضرين إلى نهاية الجلسة للحصول على المادة الخبرية. أما حين يتعلق الأمر بمقال رأي مثل هذا، فإنني أسمح لنفسي بالتعليق والتحليل و لا أدعي الخبرة ولا طول الباع في هذا الميدان. وكنت أنتظر من المسمى برحمان أن يتقدم إلي بالاعتذار، خاصة بعد ما ذاع الخبر وانجلت الحقيقة للجميع، ولكنه لم يفعل وبدأ يخبط خبط عشواء. ويبدو أن هذا الشخص إما ضيف على المدينة أو يتعمد التضليل والتشويش على الحزب الذي حيل بينه وبين تسيير المجلس بالقوة، و هذه أهداف جهات عديدة، والدليل الأحداث الدامية التي عاشتها وجدة صيف 2009 وما صاحب ذلك من اختطافات ومحاكمات. فلم يبق أمام أنصار الرئيس الحالي إلا التشويش وتحويل أنظار الرأي العام عن الملفات الساخنة التي أثارت ضجة كبيرة مثل فضيحة ماكدونالد وتورط الرئيس الحالي في الموضوع،  بالإضافة إلى تفكك الأغلبية وعزلة عمر احجيرة و الارتجال في إعداد المخطط الجماعي و تعطيل مصالح المدينة . الرئيس في نظري يلعب آخر ورقة وهي الإعلام: إغراق المدينة باللافتات عن أنشطة ثقافية واجتماعية واللعب على وتر تزفيت الطرقات. وأذكر مثالا على ذلك قضية تنظيف المقابر التي صدقتها شخصيا وقمت بالدعية لها، ظانا مني أنني سأجد في الميدان شبيبة استقلالية متطوعة ومناضلين من مختلف الأحزاب والجمعيات ، فلم تنزل إلى مقبرة سيدي يحيى يوم الأحد 8 غشت إلا شاحنتين تابعتين للبلدية و4 أعوان نظافة.
ولعل المعطى الجديد الذي أربك كل الحسابات هو تعيين والي جديد بمقاربة جديدة تقوم على الحياد والسهر على تطبيق القانون.
لن أدخل في تفاصيل قد تجر مزيدا من المضايقات على أنصار أفتاتي، ولن أقول للسيد برحمان من هي سليمة فراجي التي تقدمت بالشكاية إلى وكيل الملك ، فجاءت التعليمات الفورية باقتحام منزل أفتاتي وضرب رفاقه بالهراوات. لن أعود إلى اختطاف الأخت فدوى المنوني ، وضرب السيدة بوضة ومحاكمة النائب البرلماني مصطفى الإبراهيمي.  فالأشرطة لا زالت على اليوتوب والصحافة المحلية كانت حاضرة في قلب الموقع ولا يمكن لبرحمان أن يطعن في مصداقية وحياد كل الزملاء ممثلي وسائل الإعلام. ولعل أهم ما كسبه الوجديون هو وصول المعلومة غضة طرية بالصوت والصورة ، مما عزز اهتمام الشارع بشؤون المجلس البلدي بعدما كان كل شيء يتم في الكواليس المظلمة.
لن أسرد كرونولوجيا تلك الأحداث، فهي موجودة على الأنترنت في شكل هزلي باللغة الفرنسية يمكن للسيد برحمان  ولجميع القراء أن يعودوا إليها ، وهي خفيفة وممتعة إن شاء الله، "وذكر فإن الذكرى تنفع المومنين".
Une mascarade nommée Elections municipales à Oujda
لن أعود إلى أحداث 2003 والعاصفة التي عاشها حزب المصباح بسبب ترشيح الأستاذ محمدين خليدي وانشقاق جماعة الأستاذ نور الدين زاوش والأخ حسن حمودة والتحاقهم بحزب النهضة والفضيلة، وهذه حقائق تاريخية لا يمكن القفز عليها .
الوجديون يعلمون أن حزب العدالة والتنمية قاطع تلك الانتخابات وأصدر مجموعة من البيانات في الموضوع بعد تجديد هياكله (المكتب الجهوي، المكتب الإقليمي...).
و أرى شخصيا، ولست ناطقا باسم العدالة والتنمية، بأن قوة هذا الحزب تكمن في احترامه لمبادئه. ولعلك تتبعت ما جرى في قضية شريط الرشوة بميدلت، الرد جاء سريعا وحاسما من الأمانة العامة: تجميد عضوية المتهم من الحزب إلى أن يبث القضاء في النازلة. الله أكبر، أنا أتحداك أن تعطينا مثالا واحدا من هذا القبيل وقع في حزب الاستقلال. تصور معي لو كانت جميع إدارات الدولة تتجاوب بنفس السرعة والجدية مع وسائل الإعلام ، هل يبقى في المغرب فاسد أو مرتشي؟ حزب العدالة والتنمية لا يتردد في بتر أي عضو حاد عن مبادئه بل يحاسب أعضاءه  حتى على مواقف الشبهة. وبالتالي أنصحك بعدم إثارة هذا الملف لأنك ستدفع القراء إلى مزيد من التعاطف مع هذا الحزب وهم يتابعون تعليقات المواطنين على هسبرس.
الخلاصة في تحليلي المتواضع أن الإدارة الترابية فعلا لا تريد أن يصل العدالة والتنمية إلى رئاسة الجماعة الحضرية لوجدة في الوقت الراهن، ولكنها لا تستغني عنه في نفس الوقت. لأن إقصاءه بالمرة سوف يقوى من جديد التعاطف معه وما دام لم يمتحن في التسيير، فإن سمعته لا زالت جيدة. بمعنى أن السلطة تسمح له بهامش معين للحركة ويبدو أنه استوعب الدرس وفهم المقصود. وعلى الشارع الذي يتعاطف معه أن يتفهم إكراهات الوضع الديمقراطي في البلاد ويختار بين أمرين: إما المشاركة في حدود سقف معين أو الانسحاب بالمرة من المعترك السياسي. الصراع الحقيقي اليوم في البلدية هو بين العدالة والتنمية والوافد الجديد الذي تدعمه السلطة و تمثله سليمة فراجي وعناصر أخرى تضع رجل هنا ورجل هناك، أما الاستقلال فقد انتهى أمره بمدينة وجدة في ظل الصفعات التي يتلقاها يوميا. لقد اختار أن يلعب بورقة: إما كل شيء أو لا شيء. ثم إن مسالة التوريث في الحكم تتعارض مع مبدأ التناوب الذي ينشده الشارع.
و الآن وبعد سنة من الصراع وتبديد الجهد واستنزاف الطاقات، أرى أنه من الأفيد للقراء أن تقوم السلطة الرابعة بدورها في تجاوز الجدل العقيم واجترار الماضي، وذلك بتقديم استشرافهم للمستقبل و الحديث عن السيناريوهات المحتملة. 
 (يتبع)

ليست هناك تعليقات: