توفيق بوعشرين
2011-10-08
صلاح الدين مزوار، الذي يحمل قبعة رئاسة حزب «الحمائم» وقبعة وزير المالية في حكومة عباس، عثر هذه الأيام على عمل جديد بعد تظاهرات 20 فبراير.. إنها مهمة «المناولة» (la sous-traitance) لدى حزب الأصالة والمعاصرة، حزب فؤاد عالي الهمة كلف مزوار باستكمال مهمة الجرار لأن هذا الأخير لم يعد قادرا على الحركة بنفس القوة والسرعة اللتين كان «يحرث» بهما الحقل السياسي، في محاولة لتحجيم نفوذ الإسلاميين وتهيئ قاعدة اجتماعية جديدة لمساندة المشروعية التقليدية، «البام» رجع إلى الوراء حتى لا يؤجج نيران الاحتجاج التي شبت في الشارع على «حزب الدولة» ونفوذه المتصاعد.
من هذه الزاوية يمكن قراءة مجموعة G8 التي اجتمعت في فندق بالرباط، وأعلنت ميلاد تكتل حزبي جديد حمل شعارا مستهلكا جدا اسمه «التحالف من أجل الديمقراطية»، ضم الأصالة والمعاصرة والأحرار والحركة والاتحاد المسمى دستوريا، وأضيفت إلى هؤلاء أربعة أحزاب «ميكروسكوبية» هي أحزاب بنعتيق والخالدي وبوزوبع وفارس...
الذين حضروا من الصحافيين للقاء مزوار، الذي وعد رفاقه قبل أيام بأنه ذاهب إلى تفجير قنبلة من العيار الثقيل –اتضح أنها قنبلة لكن على شاكلة الألعاب النارية، تحدث أصواتا قوية لكنها لا تؤذي أحدا- سألوه بإلحاح عن القواسم المشتركة التي تجمع هذا الكوكتيل غير المتجانس الذي يضم اليميني الذي صار يساريا، واليساري الذي تحول إلى يميني، والإداري الذي لبس جبة الإسلامي، والأحمر الذي صار أحضر، ورجل السلطة الذي صار زعيم حزب...
مزوار، كعادته، يتقن فن القفز فوق فخاخ الأسئلة المحرجة، ولهذا قال لهم إن هناك قواسم مشتركة تجمع بين هذه الأحزاب، وهي قيم الديمقراطية والحرية... يا سلام! لكنه نسي أن يذكر أهم قاسم مشترك في هذا التحالف الذي ولد في الربع ساعة الأخيرة قبل افتتاح صناديق الاقتراع.. نسي أن يقول إن «المقاعد الوزارية التي تلوح في الأفق هي قاسمنا المشترك»، وإن هذا القاسم المشترك قادر على قسم ظهر كل الحساسيات السياسية والإيديولوجية والثقافية والشخصية.. فمقعد السلطة يفعل المعجزات في البشر...
مزوار لم يقل هذا الكلام لأنه يعرف أن الوضوح والصراحة عملة غير قابلة للصرف في بلادنا.. وهذا الأخير لا يقوم بالتدبير المفوض نيابة عن «البام» لوجه الله، فهو ينتظر أجره قبل أن يجف عرقه.. وأجره كرسي رئاسة الحكومة، وهذا ليس عيبا، لكن العيب ألا يجيب مزوار ورفاقه عن سؤال محرج ودقيق: أي قيمة مضافة يحملها هذا الكوكتيل إلى مائدة بلاد في مفترق الطرق، وإلى مغرب يعيش في عالم عربي لم يعد فيه سوى فصل واحد هو الربيع الديمقراطي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق