في بداية كل موسم دراسي يطل علينا من التلفزة المسؤول الأول في وزارة التربية الوطنية ليبشر المغاربة بأن الدخول المدرسي مر في ظروف جيدة و بأن كل التلاميذ قد التحقوا بمقاعدهم و بدرسون في ظروف جد مريحة ( طبعا مع مسرحية سيئة الإخراج تبين تلاميذ داخل قاعاتهم و الأستاذ يدرسهم ).
و في آخر السنة يطلع علينا من جديد ليطالعنا بالنتائج الجد مرضية التي حققها التلاميذ ليستنتج في الأخير صوابية السياسة التعليمية للحكومة .
هذا السيناريو يتكرر كل سنة منذ عقود و يتعاقب معه سيناريو آخر يناقضه وهو تأكيد تقارير خبراء وطنيين و منظمات دولية فشل منظومتنا التربوية ، التي لا يعترف بها المسؤولون إلا عندما تحذث أزمات في البلاد ( أزمة التشغيل في مقدمتها ) .
سأقتصر في مقالي هذا على العشرية الأولى و بداية العشرية الثانية من الألفية الثالثة ، فبعد صياغة الميثاق الوطني للتربية و التكوين و تسطير الأهداف التي يسعى لتحقيقها سنة بعد سنة لنصل في نهاية 2010 الى تخطي جميع العقبات التي كانت تقف أمام إقلاع تعليمنا و التحاقه بمستوى التعليم في الدول المتقدمة أو على الأقل مستوى الدول القريبة منا ( تونس نموذجا ) .
لكن قبل نهاية العشرية و بعد تأكد المسؤولين من استحالة تحقيق الأهداف المسطرة ، تفتقت عبقريتهم ببرنامج استعجالي " العجلة من الشيطان " تعهدوا فيه بتدارك ما عجزوا عن تحقيقه في تسع سنوات ليحققوه في 4 سنوات 2009_ 2012 ( من المتعارف عليه دوليا بأن البرامج الاستعجالية تتراوح مدتها الزمنية بين ستة أشهر وسنة ) .
ها نحن وصلنا الى السنة الرابعة من البرنامج و المعطيات كلها تصرخ بأن ما يقال في التلفزة شيء " العام زين " و ما يحدث في الواقع شيء مخالف تماما .
و بصفتي النقابية أحضر اللجنة الإقليمية المشتركة بنيابة وجدة التي تدبر الدخول المدرسي (منذ 8 سنوات ) يظهر بأن دخول هذه السنة هو الأسوأ بحيث و إلى حدود كتابة هذه السطور لا زالت أعداد هائلة من التلاميذ من الإبتدائي الى التأهيلي بدون أساتذة ، و أقسام في التأهيلي يدرسها أساتذة التعليم الابندائي ، مؤسسات كان من المفترض أن تفتح أبوابها هذه السنة لازالت الأشغال جارية بها ،. الشيء الذي نتج عنه إكتظاظ فوق اكتظاظ ( 50 تلميذا في القسم ) .
فأي مدرسة نجاح يتكلمون عنها إلا إذا كان النجاح هنا يعني النجاح في سياسة الترقيع التي ينتج عنها ارتفاع نسبة الهدر و إنخفاض المستوى و تدني المستوى الأخلاقي للناشئة ،و النجاح في ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات ( القرقوبي ) بين صفوف التلاميذ و النجاح في الوصول بالمدرسة العمومية الى الهاوية .
محمد العثماني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق