لم أجد وصفا يليق بناهبي سوق مليلية وهو يحترق أبلغ من لفظ الجرذان. فهي حيوانات تعيش وسط القذارة والمستنقعات وتحب الظلام. لقد شاهدنا صورهم وهم يتسللون إلى المحلات التجارية للنهب والسرقة وسمعنا ما يكفي من الشهادات عن أفعالهم الشنيعة لنطالب في حقهم بأقسى العقوبات. أشهروا سيوفهم على مواطنين آمنين واعتدوا على أرزاق التجار في مشاهد مقرفة لا تمت لقيمنا وأعرافنا بصلة. فهذا أحدهم يجر بضاعة مسروقة وهو يشرب الماء في عز رمضان ويقول لصاحبه: "لا يمكنني أن أموت بالعطش وسط هذه النيران "، مضيفا بكل بساطة أنه ينوي قضاء ذلك اليوم. وهذا المشهد يستدعي منا حملة عاجلة لترشيد التدين وسط هذا الشباب الغريب السلوك والذي يعيش بين ظهرانينا مع الأسف الشديد.
عصابة أخرى من الجرذان هجمت على سوق القدس المجاور لسوق مليلية لتعتدي على التجار الآمنين وتهددهم بالسيوف. ومع الأسف الشديد، سمعنا بعض الناس يبررون هذا السطو وهذا الاعتداء على ممتلكات الغير بدعوى أن البضاعة كانت معرضة لألسن النيران، وكان أولى أن يأخذها هؤلاء "المساكين " ليستفيدوا منها، فهي حلال عليهم ! وهذا وجه آخر للتدين المقلوب في مجتمعنا. فعوض الإدانة والاستنكار في حق السراق، سمعنا من يتهم التجار بالطغيان ومنع زكاة أموالهم و رفع أثمان بضاعتهم واستغلال الفقراء والمساكين... وبالتالي يمكن ان نستحل أموالهم... وهذه لعمري عدة مصائب كشفت عنها مصيبة الحريق. فهذا حادث عارض وابتلاء يمكن أن يقع في أي لحظة لأي واحد منا، والواجب على الجميع أن يقدم يد المساعدة للمنكوبين والمتضررين. كان الأولى بهؤلاء السراق أن يساعدوا التجار على إنقاذ البضائع من الحريق وحراستها في مكان آمن والعمل على إرجاعها لأصحابها... كان عليهم أن يساهموا في إخماد الحريق جهد المستطاع و تقديم كل أنواع المساعدة للتجار ومواساتهم والتضامن معهم. إننا برآء منكم أيها الجرذان، ونستبعد أن تكونوا من أهل وجدة الكرام. لقد شوهتم سمعة مدينتنا المشهورة بالعلم والمساجد والاستقامة وكل معاني النخوة والرجولة. ولهذا وجب أن تكونوا عبرة لمن يعتبر. ونقول لإخواننا التجار ما علمنا رسول الله: اللهم أجرنا في مصيبتنا. والمصيبة في الحقيقة متعددة: مصيبة ضياع البضاعة، ومصيبة فساد التدين لدى السراق، ومصيبة تبرير المنكر والتواطئ معه لدى بعض الناس. محمد السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق