(مداخلة ألقيت بالمركز الثقافي بجرادة يوم 19 رمضان 1431ه موافق 30 غشت 2010 بمناسبة الأيام الثقافية لشبيبة العدالة والتنمية تحت شعار: التدافع القيمي والأخلاقي: أي شباب نريد؟ وذلك في غمرة الاحتفال بعيد الشباب)
*************
رمضان فرصة لتزكية النفس و تطهيرها من الذنوب والمعاصي والتعالي على الشهوات والغرائز، (جاءكم المطهر)، سماه بعض العلماء شهر الحرية،شهر العودة إلى القرآن الكريم.. فيه تتم صناعة الإنسان وبنائه، فهو مدرسة نتعلم فيها مجموعة من القيم: الصبر والرحمة والعفة و الاستقامة...
تقديم
الحمد لله الذي خلق فسوى، والذي قدر فهدى، خلق الإنسان على الفطرة السوية وكرمه على سائر خلقه،فمنحه الإرادة وأهلية الاختيار، حيث زوده بقابلية التوجه إلى الخير، وبين له سبيله وعاقبته، عن طريقة هداية النبوة وإدراك العقل، وحذره من الشر ونوازعه وما يترتب عليه من سوء العاقبة والخسران المبين.
قال تعالى :" ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها"، فجعل التزكية الموصلة إلى الفلاح من إرادة الإنسان وفعله، كما جعل التدسية المفضية إلى الخيبة والضلال من فعله أيضا. وبذلك تصبح معركة التزكية والتدسية هي ميدان الفعل التربوي في مسيرة الحياة
والصلاة والسلام على النبي المربي الذي بعثه الله في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين.
1-سبيل الهدم: تغليب قانون الشهوة وإثارة الغرائز
قال تعالى "ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون"( الروم:41)
إن الصراع اليوم هو صراع بين حزمة قيم الإيمان، والتي تعني قيمة العبودية والربانية والوحدانية والألوهية، وبين حزمة قيم الإلحاد، والتي يبقى عنوانها عبودية الشهوة (طلابي). ومن هنا فإن الصراع اليوم بين المسلمين والغرب، هو صراع حول من سينتصر؛ هل حزمة قيم الإيمان أم حزمة قيم الشهوة؟ ولهذا فإن جميع المهرجانات التي تقام في العالم الإسلامي، وجميع الخلاعة التي تحملها القنوات التلفزية والملاهي والمراقص... تدخل ضمن الهدف المركزي للغرب، والذي يرمي إلى إشاعة عبادة الشهوة بدل عبادة الله.
والأمة الإسلامية تعيش إنزالا قويا لتيار العري و الميوعة تحت مسميات عديدة كالحداثة والسياحة والعولمة. والملاحظ أن وتيرة الميوعة تضاعفت منذ أحداث 11 شتنبر 2001 وإعلان بوش رسميا بداية الحرب ضد الإرهاب ، وقد انعكس ذلك على سلوكنا اليومي وبدأت فئات عريضة من شبابنا تتنكر للدين وللقيم الأخلاقية وتعبر عن ذلك كله في سلوك مائع وانحلال أخلاقي: اختلاط بين الجنسين، علاقات غرامية في الشوارع، أغاني تافهة ، كلمات ساقطة تخدش حياء المارة، مخدرات وأشرطة الخلاعة تنتشر في أوساط الشباب، عرس للشواذ، المجاهرة بالإفطار في رمضان، نداء من أجل الحريات العامة يدافع عن الأقليات الجنسية أي اللواط، مثقفون وكتاب يعلنون عن شذوذهم ...