الصفحات

07 أكتوبر 2011

مدرسة النجاح في التلفزة


في بداية كل موسم دراسي يطل علينا من التلفزة المسؤول الأول  في وزارة التربية الوطنية  ليبشر المغاربة بأن الدخول المدرسي مر في ظروف جيدة  و بأن كل التلاميذ قد التحقوا بمقاعدهم و بدرسون في ظروف جد مريحة  ( طبعا مع مسرحية سيئة الإخراج تبين تلاميذ داخل قاعاتهم و الأستاذ يدرسهم ).
 و في آخر السنة يطلع علينا من جديد ليطالعنا بالنتائج الجد مرضية التي حققها التلاميذ ليستنتج في الأخير صوابية السياسة التعليمية للحكومة .

هذا السيناريو يتكرر كل سنة  منذ عقود  و يتعاقب معه سيناريو آخر  يناقضه وهو تأكيد تقارير خبراء وطنيين و منظمات دولية  فشل منظومتنا التربوية  ، التي لا يعترف بها المسؤولون إلا عندما تحذث أزمات في البلاد ( أزمة التشغيل في مقدمتها ) .
  سأقتصر في مقالي هذا على  العشرية الأولى و بداية العشرية الثانية من الألفية الثالثة ، فبعد صياغة الميثاق الوطني للتربية و التكوين و تسطير الأهداف التي يسعى لتحقيقها  سنة بعد سنة لنصل في نهاية 2010 الى تخطي جميع  العقبات التي كانت تقف أمام إقلاع تعليمنا  و التحاقه بمستوى التعليم في الدول المتقدمة أو على الأقل  مستوى الدول القريبة منا ( تونس نموذجا ) .
  لكن قبل نهاية العشرية و بعد تأكد المسؤولين من استحالة تحقيق الأهداف المسطرة ، تفتقت  عبقريتهم ببرنامج استعجالي " العجلة من الشيطان "  تعهدوا  فيه بتدارك ما عجزوا عن تحقيقه في تسع سنوات  ليحققوه في 4 سنوات 2009_ 2012 ( من المتعارف عليه دوليا بأن البرامج الاستعجالية تتراوح مدتها الزمنية بين ستة أشهر وسنة ) .
 ها نحن وصلنا الى السنة الرابعة من البرنامج و المعطيات  كلها تصرخ بأن ما يقال في التلفزة شيء " العام زين " و ما يحدث في الواقع شيء مخالف تماما .
  و بصفتي النقابية أحضر اللجنة الإقليمية  المشتركة بنيابة وجدة  التي تدبر الدخول المدرسي  (منذ 8 سنوات ) يظهر  بأن دخول هذه السنة هو الأسوأ  بحيث و إلى حدود كتابة هذه السطور  لا زالت أعداد هائلة من التلاميذ من الإبتدائي الى التأهيلي بدون أساتذة ، و أقسام في التأهيلي يدرسها أساتذة التعليم الابندائي ، مؤسسات كان من المفترض أن تفتح أبوابها هذه السنة لازالت الأشغال جارية بها ،. الشيء  الذي نتج عنه إكتظاظ  فوق اكتظاظ  ( 50 تلميذا في القسم ) .
  فأي مدرسة نجاح يتكلمون عنها إلا إذا كان النجاح هنا يعني النجاح في سياسة الترقيع التي ينتج عنها  ارتفاع نسبة الهدر و  إنخفاض المستوى و تدني المستوى الأخلاقي  للناشئة ،و النجاح في ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات ( القرقوبي )  بين صفوف التلاميذ  و النجاح  في الوصول بالمدرسة العمومية الى الهاوية  .
محمد العثماني
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق