بمناسبة أسبوع الصحة المدرسية (23 - 29 مارس) ، قامت وزارة الصحة مشكورة بأنشطة تحسيسية لفائدة مجموعة من المؤسسات التعليمية بالجهة. فشارك التلاميذ في حملات للتبرع بالدم التي تجند لها أطر وزارة الصحة وجمعية المتبرعين بالدم بالجهة الشرقية الحاصلة على المرتبة الأولى وطنيا في مجال التبرع بالدم . كما نظمت وتنظم بعض جمعيات المجتمع المدني أنشطة تربوية وتثقيفية بغرض التوعية الصحية وترسيخ قيمة العفة. ومن الملاحظات التي يمكن تسجيلها على مطوية وزارة الصحة ورود عبارة "تجنب العلاقات الجنسية غير المحمية" ولحسن الحظ كان الاستدراك في سطر آخر بعبارة: "غير الشرعية وغير المحمية". والمقصود بغير المحمية هي عدم استعمال العازل الطبي وقد يفهم من السياق أن العلاقات الجنسية في صفوف التلاميذ قد تكون مقبولة بشرط استعمال العازل الطبي! ولمزيد من التناغم بين قطاع التربية والتعليم وقطاع الصحة، نرجو من إخواننا في وزارة الصحة الانتباه لهذه الأمور مستقبلا. وفي نفس السياق، قامت لجنة من مصالح خارجية لها علاقة بالشأن التربوي بحملة تحسيسية في صفوف التلاميذ بنيابة جرادة بعد ما ضبطت مصالح الأمن حالات استغلال القاصرات في الدعارة بجرادة وعين بني مطهر. إن مثل هذه المبادرات من شأنها أن تعزز دور المدرس وتحفزه على الانخراط أكثر في الأنشطة الموازية والأندية المختلفة لدعم مشاريع الوقاية من الانحرافات في صفوف التلاميذ. كما ننوه ببرنامج المجلس العلمي المحلي بوجدة لهذه السنة والذي اختار موضوع القيم كمحور لأنشطته التربوية. وبهذا يتحقق انفتاح المؤسسة على محيطها وتؤدي المدرسة دورها التربوي –التعليمي بشكل أفضل إن شاء الله، وسوف تختفي تلقائيا تلك المظاهر المجتمعية المشينة التي مافتئ الجميع يندد بها من عنف ومخدرات وتخريب للملك العام وحفلات عبدة الشيطان... من هنا يبدأ المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم في نظري. وقد يكون من الأفيد التفكير الجماعي في "خطة جهوية مندمجة" كما هو الحال بالنسبة لمعضلة حوادث السير لتذب الحياة من جديد في مؤسساتنا التعليمية ونخرج من حالة الركود والتوجس وتبادل التهم التي يعرفها القطاع وتصاعد وتيرة الاحتجاج التي وصلت بالجهة إلى المحاكم الإدارية والبرقيات إلى ديوان المظالم الذي رد بعدم الاختصاص. إن مشاكل الانقطاع والهذر وضعف المستوى لدى التلاميذ قد تخف حدتها مع وضوح الرؤية أكثر وتوحيد الخطاب البيداغوجي بين جميع مكونات العملية التعليمية-التعلمية من جهة وبين هذه الأطراف ومكونات المجتمع عموما من جهة أخرى. إن النهوض بمنظومة التربية التكوين لن يتم فقط بدعم الإطعام المدرسي أو تقوية البنيات التحتية كما جاء في مخطط الأكاديمية، وإنما بالتعبئة الحقيقية لجميع الطاقات دونما إقصاء أو حزبية ضيقة. ورغم أن هذا منصوص عليه في المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم، إلا أن الإشكال يبقى على مستوى التنزيل. إن التدريس رسالة قبل أن يكون مهنة، وإن عزوف هيئة التدريس وانسحابها من الميدان مرده إلى الشعور بالإقصاء وتنامي خطاب الاتهام بالتقصير والتهاون من أطراف مختلفة. ومهما فعلت المصالح الخارجية، فلا يمكنها تعويض أهل الدار أو الاستغناء عن المدرس الذي هو قطب الرحى في العملية التربوية. كما أن معضلات التعليم لن تحلها مشاريع ألف ولا الشراكات مع حكومة الأندلس ولا كل السفارات مجتمعة إذا لم يقتنع رجال ونساء التعليم بالغايات وتتضح لهم معالم الطريق وتتجسد من حولهم الشعارات المرفوعة من سلوك مدني وشراكة مع الجمعيات وتعاون الأسرة مع المدرسة. مشاكل المغرب لن يحلها إلا المغاربة والدعم الأجنبي قد يتحول إلى مسكنات توهم بزوال المرض ولكن سرعان ما يعود الألم ليتفاقم من جديد. علينا أن نصارح أنفسنا ونتفق على الأولويات ونحدد المسؤوليات بدقة حتى تسهل عملية المتابعة والتقويم ولا ننتظر انعقاد المجلس الإداري للأكاديمية لإلقاء الخطب الرنانة والشعارات البراقة والتي ينساها الجميع بمجرد أن ينفض الجمع
.محمد السباعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق